بذلك، فدل على علي الرضا (ع) فجاء فأجلسه معه على السرير وسأله فقال: إن الله حرم أولاد الحسنين على السباع فلتلق للسباع، فعرض عليها بذلك فاعترفت بكذبها.
ثم قيل للمتوكل: ألا تجرب ذلك فيه (أي في علي الرضا) فأمر بثلاثة من السباع فجيئ بها في صحن قصره ثم دعاه، فلما دخل بابه أغلق عليه والسباع قد أصمت الأسماع من زئيرها فلما مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه، وقد سكنت وتمسحت به ودارت حوله، وهو يمسحها بكمه ثم ربضت، فصعد للمتوكل وتحدث معه ساعة ثم نزل ففعلت معه كفعلها الأول حتى خرج، فأتبعه المتوكل بجائزة عظيمة، فقيل للمتوكل: إفعل كما فعل ابن عمك، فلم يجسر عليه وقال:
أتريدون قتلي، ثم أمرهم أن لا يفشوا ذلك (1).
ونقل المسعودي أن صاحب هذه القصة هو ابن ابن علي الرضا، وهو علي العسكري. والصواب أن الرضا توفي في خلافة المأمون ولم يدرك المتوكل.
وفي الصواعق، ويوافقه ما حكاه المسعودي وغيره أن يحيى بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط لما هرب إلى الديلم ثم أتي به الرشيد وأمر بقتله ألقي في بركة فيها سباع قد جوعت فأمسكت عن أكله، ولاذت بجانبه وهابت الدنو منه فبنى عليه ركن بالجص والحجر وهو حي، (توفي بسر من رأى) (2).
وفي تاريخ الخلفاء: في سنة ست وثلاثين أمر (المتوكل) بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من الدور، وأن يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته وخرب وبقي صحراء، وكان معروفا بالنصب فتألم المسلمون من ذلك (3).
وفي سنة أربع وأربعين قتل (يعقوب بن السكيت) - الإمام في العربية - فإنه ندبه إلى تعليم أولاده فنظر يوما إلى ولديه فقال لابن السكيت: من أحب إليك هما أو الحسن والحسين؟ فقال: قنبر - يعني مولى علي - خير منهما، فأمر الأتراك فداسوا بطنه حتى مات، وقيل: أمر بسل لسانه فمات.
وهكذا في حياة الحيوان، وفيه: أيهما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فقال: والله إن قنبرا خادم علي (ع) خير منك ومن ابنيك. فقال، سلوا لسانه من قفاه (4).
ومنهم: المعتمد على الله في تاريخ الخلفاء: ذكر الصولي أنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف رجل، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف، وكان له منبر في المدينة يصعد عليه ويسب عثمان، وعليا، ومعاوية، وطلحة، والزبير، وعائشة (5).