الصيام " إلى أن قال: ائذن لي في الترهب، قال: " إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد لانتظار الصلاة " (1).
فإن المبتدع ربما يتصور أن ما اخترعه من طريقة توصله إلى رضا الله سبحانه أكثر مما رسمه صاحب الشريعة، فلأجل ذلك يترك قول الشارع ويعمل طبق فكرته، ويذيع ذلك بين الناس باسم الشرع، ولهذا أيضا شواهد في التاريخ نقتطف منها ما يلي:
1 - روى جابر بن عبد الله: أن رسول الله كان في سفر فرأى رجلا عليه زحام قد ظلل عليه فقال: " ما هذا؟ " قالوا: صائم، قال (صلى الله عليه وآله): " ليس من البر الصيام في السفر " (2).
2 - روى الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة، فلما انتهى إلى كراع الغميم دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشرب وأفطر ثم أفطر الناس معه وثم أناس على صومهم فسماهم رسول الله العصاة وإنما يؤخذ بآخر أمر رسول الله (3).
فإن الإنسان المتزمت يتخيل أنه لو سافر صائما يكون عمله أكثر قبولا عند الله تبارك وتعالى، ولكنه غافل عن مناطات التشريع وملاكاتها العامة، التي توجب الإفطار في السفر، ليكون الدين رفقا بالإنسان، يجذب الناس إليه، قال سبحانه:
{وما جعل عليكم في الدين من حرج} (4).
3 - روى مالك في الموطأ: أن رسول الله رأى رجلا قائما في الشمس فقال: " ما