إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم} (1) وهذه الآيات توضح مضامين الأدعية الإسلامية من قوله (عليه السلام): " يا من سبقت رحمته غضبه ".
كيف لا! ونحن نرى أن الله سبحانه يعد القانط من رحمة الله والآيس من روحه كافرا وضالا، ويقول: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون} (2)، ويقول تعالى أيضا: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} (3)، ويقول سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} (4).
فإذا عرفنا القرآن أن الله سبحانه ذو رحمة واسعة تفيض على كل شئ، فعند ذلك لا مانع من أن تفيض رحمته وغفرانه عن طريق أنبيائه ورسله وأوليائه، فيقبل أدعيتهم في حق عباده بدافع أنه سبحانه ذو رحمة واسعة، كما لا مانع أن يعتقد العصاة في شرائط خاصة بغفرانه سبحانه من طرق كثيرة لأجل أنه عد القانط ضالا والآيس كافرا.
وإجمالا: فكما يجب على المربي الديني أن يذكر عباد الله بعقوبته وعذابه وما أعد للعصاة والكفار من سلاسل ونيران، يجب عليه أيضا أن يذكرهم برحمته الواسعة ومغفرته العامة التي تشمل كل شئ، إلا من بلغ من الخبث والرداءة درجة لا يقبل معها التطهير كما قال سبحانه: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (5).