في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما فعل أو كبر عند افتتاح صلاته، ثم يصنع مثل ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر، فقالوا جميعا: صدق هكذا كان يصلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
والذي يوضح صحة الاحتجاج الأمور التالية:
1 - تصديق أكابر الصحابة (2) وبهذا العدد لأبي حميد يدل على قوة الحديث، وترجيحه على غيره من الأدلة.
2 - إنه وصف الفرائض والسنن والمندوبات ولم يذكر القبض، ولم ينكروا عليه، أو يذكروا خلافه، وكانوا حريصين على ذلك، لأنهم لم يسلموا له أول الأمر أنه أعلمهم بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل قالوا جميعا: صدقت هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي، ومن البعيد جدا نسيانهم وهم عشرة، وفي مجال المذاكرة.
3 - الأصل في وضع اليدين هو الإرسال، لأنه الطبيعي فدل الحديث عليه.
4 - لا يقال إن هذا الحديث عام وقد خصصته أحاديث القبض، لأنه وصف وعدد جميع الفرائض والسنن والمندوبات وكامل هيئة الصلاة، وهو في معرض التعليم والبيان، والحذف فيه خيانة، وهذا بعيد عنه وعنهم.
5 - روى بعض من حضر من الصحابة أحاديث القبض، فلم يعترض، فدل على أن القبض منسوخ، أو على أقل أحواله بأنه جائز للاعتماد لمن طول في صلاته، وليس من سنن الصلاة، ولا من مندوباتها، كما هو مذهب الليث بن سعد، والأوزاعي، ومالك (3).