أساسا لبحوث كثيرة طرحت في علم الكلام.
فالبحث عن العدل رمز القول بحسن الأفعال، كما أن البحث في الظلم رمز القول بقبحه.
فالمسألة الأساسية - في الواقع - هي قابلية العقل على درك حسن فعل أو قبحه سواء أكان الفاعل واجبا أو ممكنا.
وعلى ضوء ذلك استأثر التوحيد بمراتبه، وعدله سبحانه، على اهتمام بالغ في علم الكلام، دون سائر المسائل، ويكفي في ذلك أن الاختلاف في العدل شق صفوف المتكلمين إلى عدلية وغيرها، فالمعتزلة والإمامية رفعوا شعار العدلية، والأشاعرة وأهل الحديث لم يرتضوا بذلك، بيد أن الطائفة الأولى استدلت على عدله وحكمته سبحانه بأن الحكمة تقابل العبث، والعدل يقابل الظلم، والله سبحانه حكيم لا يعبث، عادل لا يجور، وإلا يلزم وصف أفعاله بالعبث والجور وكلاهما قبيح وهو سبحانه منزه عنه.
وفي هذه الأجواء ظهرت مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وهل للعقل قابلية على درك حسن الأفعال وقبحها أو لا؟
فمن زعم أن للعقل قابلية درك حسن الأفعال وقبحها، قال بأن العبث والظلم قبيح، وهو سبحانه منزه عن القبح، بخلاف من أثبت عجز العقل عن نيل هذا النوع من الإدراك، فلم يكن بمقدوره إقامة البرهان على الوصفين المذكورين واقتصر في وصفه سبحانه بهما على النقل فقط.
وحصيلة البحث: أن فلاسفة الإغريق تداولوا القاعدة لإثبات كثير من القيم الأخلاقية والدفاع عنها، وقالوا: إن الصدق وأداء الأمانة ولزوم العمل بالميثاق واحترام حقوق الآخرين من القيم الأخلاقية يجب فعلها باعتبار حسن الجميع،