أن ما يدل عليه الحديث، وهو النهي عن عموم كتابة غير القرآن لعموم الناس أمر لم يعمل به، قطعا.
فكثير من الناس قد كتبوا، وكثير من الحديث قد كتب.
وهذا بنفسه دليل على عدم الالتزام بما يدل عليه ظاهر الحديث، وأن العمل قد تحقق على خلافه، فلا بد - لو أريد التصديق به، والتسليم به سنديا - من تخصيصه بما دل على الجواز من الأحاديث، أو رفع اليد عنه.
وقد اعترفوا بأن العلماء لم يلتزموا بما يدل عليه:
قال شاكر: قد أجاب العلماء عن حديث أبي سعيد بأجوبة (1) وذكرها واختار منها ما ذكره بقوله: والجواب الصحيح أن النهي منسوخ بأحاديث أخرى دلت على الإباحة... مع استقرار العمل بين أكثر الصحابة والتابعين، ثم اتفاق الأمة بعد ذلك على جوازها، كل هذا يدل على أن حديث أبي سعيد منسوخ (2).
أقول: وسيأتي تفصيل هذا، في مناقشتنا العامة لأحاديث النهي الشرعي، في نهاية هذا الفصل.
والغريب أن بعض المحققين جعل نفس هذا الحديث دليلا على أن تدوين الحديث بدأ في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقال:
فألفاظ الحديث تدل على وجود من كان يدون الحديث في حياة الرسول الأولى (3).