زائرين فحصلت الاستجارة كما هو الحال في المحقق الحلي صاحب " الشرايع فقد أجاز البعض في النجف أيام ازدهار العلم في الحلة وفتوره في النجف، فهل يمكن عد المحقق من سكنة النجف؟ وقد استجزت أنا بعض المشايخ في كربلا ومشهد الكاظمين ومكة والمدينة والقاهرة وغيرها، وأجزت جمعا من العلماء في الري ومشهد الرضا عليه السلام بخراسان وغير ذلك من البلاد، ودون بعض ذلك في بعض المؤلفات فهل ينبغي عدي أو عد المجازين في علماء فارس أو الحجاز أو مصر؟.
ثم إنني أذهب إلى القول بأن النجف كانت مأوى للعلماء وناديا للمعارف قبل هجرة الشيخ إليها، وإن هذا الموضع المقدس أصبح ملجأ للشيعة منذ أنشئت فيه العمارة الأولى على مرقد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، لكن حيث لم تأمن الشيعة على نفوسها من تحكمات الأمويين والعباسيين، ولم يستطيعوا بث علومهم ورواياتهم كان الفقهاء والمحدثون لا يتجاهرون بشئ مما عندهم، و متبددين حتى عصر الشيخ الطوسي وإلى أيامه، وبعد هجرته انتظم الوضع الدراسي وتشكلت الحلقات كما لا يخفى على من راجع (أمالي الشيخ الطوسي) الذي كان يمليه على تلامذته.
مكانته العلمية: من البديهيات أن مكانة شيخ الطائفة المعظم وثروته العلمية الغزيرة في غنى عن البيان والاطراء، وليس في وسع الكاتب - مهما تكلف - استكناه ما له من الأشواط البعيدة في العلم والعمل، والمكانة الراسية عند الطائفة، والمنزلة الكبرى في رياسة الشيعة، ودون مقام الشيخ المعظم كلما ذكره الأعلام في تراجمهم له من عبارات الثناء والاكبار، فمن سبر تأريخ الإمامية ومعاجمهم، وأمعن النظر في مؤلفات الشيخ العلمية المتنوعة علم أنه أكبر علماء الدين، وشيخ كافة مجتهدي المسلمين، والقدوة لجميع المؤسسين، وفي الطليعة من فقهاء الاثني عشرية، فقد أسس طريقة الاجتهاد المطلق في الفقه وأصوله،