وشن على الشيعة حملة شعواء، وأمر بإحراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور ابن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي وكانت من دور العلم المهمة في بغداد، بناها هذا الوزير الجليل والأديب الفاضل في محلة بين السورين في الكرخ سنة 381 ه على مثال (بيت الحكمة) الذي بناه هارون الرشيد، وكانت مهمة للغاية فقد جمع فيها هذا الوزير ما تفرق من كتب فارس والعراق، واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم، ونافت كتبها على عشرة آلاف من جلائل الآثار ومهام الأسفار، وأكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلفين، قال ياقوت الحموي: وبها كانت خزانة الكتب التي أو قفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة ولم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة إلخ... وكان من جملتها مائة مصحف بخط ابن مقلة على ما ذكره ابن الأثير.
وحيث كان الوزير سابور من أهل الفضل والأدب أخذ العلماء يهدون إليه مؤلفاتهم فأصبحت مكتبة من أغنى دور الكتب ببغداد، وقد احترقت هذه المكتبة العظيمة فيما احترق من محال الكرخ عند مجئ طغرل بيك، وتوسعت الفتنة حتى اتجهت إلى شيخ الطائفة وأصحابه فأحرقوا كتبه وكرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام.
قال ابن الجوزي في حوادث سنة 448 ه: وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره. ثم قال في حوادث سنة 449 ه: وفي صفر في هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي متكلم الشيعة بالكرخ وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام، وأخرج إلى الكرخ وأضيف إليه ثلاث سناجيق بيض كان الزوار من أهل الكرخ قديما يحملونها معهم إذا قصدوا زيارة الكوفة فأحرق الجميع إلخ.
ولما رأى الشيخ الخطر محدقا به هاجر بنفسه إلى النجف الأشرف لائذا بجوار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وصيرها مركزا للعلم وجامعة كبرى للشيعة الإمامية، وعاصمة للدين الإسلامي والمذهب الجعفري، وأخذت تشد