وقد كرس - قدس الله نفسه - حياته طوال عمره لخدمة الدين والمذهب وبهذا استحق مكانته السامية من العالم الإسلامي عامة، والشيعي خاصة، وبانتاجه الغزير أصبح علما من أعظم أعلامه، ودعامة من أكبر دعائمه، يذكر اسمه مع كل تعظيم وإجلال وإكبار وإعجاب.
نسبه:
هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، نسبة إلى طوس من مدن خراسان التي هي من أقدم بلاد فارس وأشهرها، وكانت - ولا تزال - من مراكز العلم ومعاهد الثقافة، لأن فيها قبر الإمام علي الرضا عليه الإسلام، ثامن أئمة الشيعة الاثني عشرية، وهي لذلك مهوى أفئدتهم يقصدونها من الأماكن الشاسعة والبلدان النائية، يتقاطرون إليها من كل صوب وحدب، للثم تلك العتبة المقدسة والتمرغ في ذلك الثرى الطيب.
ومن أجل هذا وذاك أصبحت كغيرها من مراقد آل محمد عليهم السلام هدفا لأعدائهم، فقد انتابتها النكبات، وخربت ثلاث مرات، هدمها للمرة الأولى الأمير سبكتكين، وقوضها للمرة الثانية الغزنويون، وأتلفتها للمرة الثالثة عاصفة الفتنة المغولية عام 716 ه على عهد الطاغية جنكيزخان، وقد تجددت أبنيتها وأعيدت آثارها بعد كل مرة، وهي اليوم أبرز معاهد العلم عند الشيعة وفيها خزانة كتب للإمام الرضا عليه السلام يحق للعالم الشيعي أن يعدها من مفاخره.
ولادته ونشأته: ولد شيخ الطائفة في الطوس في شهر رمضان سنة 385 هجرية، أعني عام وفاة هارون بن موسى التلعكبري، وبعد أربع سنين من وفاة الشيخ الصدوق، وهاجر إلى العراق فهبط بغداد في سنة 408 ه وهو ابن ثلاثة وعشرين عاما، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة وعلم الشيعة محمد بن