عدم رؤيته مدح وتعظيم للشئ، أما إذا كان في نفسه جائز الرؤية ثم إنه قدر على حجب الأبصار عن رؤيته وعن إدراكه كانت هذه القدرة الكاملة دالة على المدح والعظمة، فثبت أن هذه الآية دالة على أنه جائز الرؤية حسب ذاته (1).
إن هذا التشكيك يحط من مقام الرازي فهو أكثر عقلية من هذا التشكيك، وذلك لأنه زعم أن المدح بالجملة الأولى، أعني قوله سبحانه: * (لا تدركه الأبصار) * وغفل عن أن المدح بمجموع الجزأين المذكورين في الآية، بمعنى أنه سبحانه لعلو منزلته لا يدرك وفي الوقت يدرك غيره، وهذا ظاهر لمن تأمل في الآية ونظيرتها أي يطعم ولا يطعم، فهل يرضى الرازي بأنه سبحانه يمكن له الأكل والطعم.
الشبهة الثانية:
إن لفظ الأبصار صيغة جمع دخل عليها الألف واللام فهو يفيد الاستغراق فقوله: * (لا تدركه الأبصار) * بمعنى لا يراه جميع الأبصار، وهذا يفيد سلب العموم ولا يفيد عموم السلب (2).
يلاحظ عليه: أن المتبادر في المقام كما في نظائره هو عموم السلب أي لا يدركه أحد من ذوي الأبصار نظير قوله سبحانه: * (إن الله لا يحب المعتدين) * (البقرة / 190) وقوله سبحانه: * (فإن الله لا يحب الكافرين) * (آل عمران - 32) وقال سبحانه: * (والله لا يحب الظالمين) * (آل عمران - 57).
يقول الإمام علي (عليه السلام): " الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا