الجمع بين العقيدتين، لا يستطيع أن يرفع التعارض والاصطدام بين المعرفتين في أنظار المخاطبين بهذه الآيات والرواية، ومن جرد نفسه عن المجادلات الكلامية والمحاولات الفكرية للجمع بين المعرفتين يرى التعريفين متصادمين فأين القول بأنه سبحانه بعيد عن الحس والمحسوسات، منزه عن الجهة والمكان، محيط بعوالم الوجود من تنزله سبحانه منزلة الحس والمحسوسات، واقعا بمرأى ومنظر من الإنسان يراه ويبصره كما يبصر البدر، يشاهده في أفق عال وقد تعرفت في التمهيد على أن السهولة في العقيدة وخلوها عن الألغاز من سمات العقيدة الإسلامية، فالجمع بين المعرفتين كجمع النصارى بين كونه واحدا وثلاثا.
هذا من جانب، ومن جانب آخر نرى أنه سبحانه كلما طرح مسألة الرؤية في القرآن الكريم فإنما طرحها باستعظام من أن ينالها الإنسان ويتلقى سؤالها وتمنيها من الإنسان أمرا فظيعا وقبيحا وتطلعا إلى ما هو دونه.
1 - قال سبحانه: * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) * (البقرة - 55 - 56).
2 - وقال سبحانه: * (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا) * (النساء - 153).
3 - وقال سبحانه: * (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) * (الأعراف - 143).