لهذا السؤال ولم يخطر بباله ركاكة هذا الكلام " (1).
يلاحظ عليه: أن الرازي غفل عن أن الرؤية من الأمور الإضافية القائمة بالرائي والمرئي فالتقابل من لوازم الرؤية بما هي هي، فاختلاف المرئي في الماهيات كاختلاف الرائي في كونه حيوانا أو إنسانا لا مدخلية له في هذا الموضوع، فافتراض نفس الرؤية وتعلقها بالشئ وغض النظر عن الرأي وخصوصيات المرئي يجرنا إلى أن القول بأن الرؤية رهن التقابل أو حكمه.
وذلك لأن الموضوع لحكم العقل من لزوم المقابلة في الرؤية، هو نفسها، بما هي هي، والموضوع متحقق في الشاهد والغائب، والمادي والمجرد، فاحتمال انفضاض الحكم باختلاف المرئي، يناقض ما حكم به باتا بأن الرؤية بما هي هي لا تنفك عن التقابل، فإنه أشبه بقول القائل: إن نتيجة 2 + 2، هو الأربعة، لكن إذا كان المعدود ماديا لا مجردا، ويرد بأن الموضوع نفس اجتماع العددين وهو متحقق في كلتا الصورتين.
وبكلمة موجزة: إن الرؤية بالعين رابطة مادية بين العين والمرئي وهي تتوقف على كون المرئي ماديا والله سبحانه منزه عن المادة.
أضف إلى ذلك ماذا يريد من الغائب، هل يريد الموجود المجرد عن المادة ولوازمها؟ فبداهة العقل تحكم بأن المنزه عن الجسم والجسمانية والجهة والمكان لا يتصور أن يقع طرفا للمقابلة. وإن أراد منه الغائب عن الأبصار مع احتمال كونه جسما أو ذا جهة، فذلك إبطال للعقيدة الإسلامية الغراء التي تبنتها الأشاعرة وحتى الرازي نفسه في غير واحد من كتبه الكلامية وفي غير موضع في تفسيره.
ولقائل يسأل الرازي، إنه لو لو وقعت الرؤية على ذاته سبحانه فهل تقع على كله أو بعضه فلو وقعت على الكل يكون محاطا لا محيطا وهذا باطل بالضرورة، ولو وقعت على الجزء فيكون، ذا جزء مركبا. ومما ذكرنا يتميز الفطن عن الغبي، والكلام الرصين عن الركيك فلاحظ.