وأما دراستها تفصيلا فإليك البيان:
1 - تضافرت الآيات على ذم عمل المشركين حيث كانوا يقسمون رزق الله إلى ما هو حلال وحرام فجاء الوحي منددا بقوله: * (قل أالله أذن لكم أم على الله تفترون) * (يونس - 59) وفي آية أخرى يعد عملهم افتراء على الله كما يقول:
* (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) * (النحل - 116) ومن المعلوم أن المشركين كانوا ينسبون الحكمين إلى الله سبحانه، وأنه سبحانه جعل منه حلالا وحراما، فكان عملهم بدعة في الدين.
2 - قد تعرفت في التقديم، أنه سبحانه يصف من لم يحكم بما أنزل الله، بكونه كافرا وفاسقا، ومن المعلوم أن أحبار اليهود كانوا يحرفون الكتاب فيصفون ما لم يحكم به الله، بكونه حكم الله، قال سبحانه: * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) * (البقرة - 79) فقوله: * (هذا من عند الله) * صريح في أنهم كانوا يتدخلون في الشريعة الإلهية فيعرفون ما ليس من عند الله على أنه من عند الله، وهذا يثبت بأن الموضوع في هذه الآية وأمثالها هو البدعة في الدين لا مطلقها.
3 - ترى أنه سبحانه يذم الرهبان لابتداعهم ما لم يكتب عليهم قال سبحانه: * (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) * (الحديد - 27) ومعنى الآية أنهم كانوا ينسبون الرهبانية إلى شريعة المسيح مدعين بأنه هو الذي شرع لهم ذلك العمل، والقرآن يردهم بقوله:
* (ما كتبناها عليهم) *.
4 - إنه سبحانه وصف أهل الكتاب بأنهم اتخذوا رهبانهم وأحبارهم أربابا من دون الله، وقد فسره النبي الأكرم بأنهم كانوا يحرمون ما أحل الله فيتبعونهم أتباعهم، أو يحللون ما حرم الله عليهم فيقبلونه بلا تردد، ومن المعلوم أن