4 - وقال الغزالي: وما يقال: إنه أبدع بعد رسول الله، فليس كل ما أبدع منهيا بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة، وترفع أمرا من الشرع مع بقاء علته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب (1).
5 - وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في شرح المشكاة: إعلم أن كل ما ظهر بعد رسول الله بدعة، وكل ما وافق أصول سنته وقواعدها أو قيس عليها فهو بدعة حسنة وكل ما خالفها فهو بدعة سيئة وضلالة (2).
6 - وقال ابن الأثير: البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحث عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جعل له في ذلك ثوابا فقال:
" من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها " وقال في ضده: " ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها " وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هذا النوع قول عمر - رضي الله عنه -: " نعمت البدعة هذه (التراويح) " لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح، سماها بدعة ومدحها، إلا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسنها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر - رضي الله عنه - جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " وقوله: " اقتدوا باللذين