وقوله: * (ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها...) * (البقرة / 189).
ونفي البر كناية عن سقوطه عن القيمة والوزن في مجال التشريع لو لم نقل إنه يكون محرما، لكونه تشريعا وإدخالا في الدين ما ليس منه.
ورواية جابر، وإن كانت واردة في من وقع في حرج شديد، ولكن المورد غير مخصص وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ضرب قاعدة كلية وحكم بأن كل صيام في السفر ليس ببر والحجة هي القاعدة والمورد من أحد مصاديقها، ويشهد لما ذكرنا أن الصيام المقارن للحرج الشديد والضرر العظيم محرم على المسافر والحاضر، فعلم أن النهي لأجل صيامه في السفر لا لوقوعه في حرج شديد لما عرفت من عدم مدخلية للسفر فيما إذا كان مقارنا للحرج والضرر، فتأكيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على السفر يبين أن الموضوع للحرمة هو السفر لا الحرج.
قال ابن حزم: " فإن قيل: إنما منع عليه السلام في مثل حال ذلك الرجل قلنا: هذا باطل لا يجوز، لأن تلك الحال محرم البلوغ إليها باختيار المرء للصوم في الحضر كما هو في السفر، فتخصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمنع من الصيام في السفر إبطال لهذه الدعوى المفتراة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وواجب أخذ كلامه (عليه السلام) على عمومه " (1).
2 - وما رواه الإمام أحمد من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن أم الدرداء، عن كعب بن عاصم الأشعري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " ليس من البر الصيام في السفر " (2).
وروى ابن ماجة مثل ذلك عن ابن عمر وقال في الزوائد: إسناد حديث ابن