ثم إن لسيدنا شرف الدين العاملي هناك كلاما نافعا نورده بنصه قال: كان هؤلاء - عفا الله عنهم وعنا - رأوه رضي الله عنه قد استدرك (بتراويحه) على الله ورسوله حكمة كانا عنها غافلين.
بل هم للغفلة - عن حكمة الله في شرائعه ونظمه - أحرى، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤديها - جوف الليل في بيته - بربه عز وعلا يشكو إليه بثه وحزنه ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأتي على آخرها ملحا عليه، متوسلا بسعة رحمته إليه، راجيا لاجئا، راهبا راغبا، منيبا تائبا، معترفا لائذا عائذا، لا يجد ملجأ من الله تعالى إلا إليه، ولا منجي منه إلا به.
لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقل منهم من يستقل، ويستكثر من يستكثر، فإنها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن سيد البشر.
إما ربطها بالجماعة فيحد من هذا النفع، ويقلل من جدواه.
أضف إلى هذا أن إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسك عليها حظها من تربية الناشئة على حبها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأمهات والأجداد والجدات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شدا يرسخها في عقولهم وقلوبهم، وقد سأل عبد الله بن مسعود رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما أفضل، الصلاة في بيتي، أو الصلاة في المسجد؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) " ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة " رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري. وعن زيد بن ثابت أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا