الجامدين الذين أغلقوا باب الاجتهاد في الأحكام الشرعية على وجوههم، وعن أبحاث أصحاب الهوى الهدامين الذين يريدون تجريد الأمم عن الإسلام، وأن ينظروا إلى المسألة ويطلبوا حكمها من الكتاب والسنة، متجردين عن كل رأي مسبق فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وربما تفك العقدة ويجد المفتي مخلصا من هذا المضيق الذي أوجده تقليد المذاهب.
وإليك نقل الأقوال:
قال ابن رشد: جمهور فقهاء الأمصار على أن الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة، وقال أهل الظاهر وجماعة: حكمه حكم الواحدة ولا تأثير للفظ في ذلك (1).
قال الشيخ الطوسي: إذا طلقها ثلاثا بلفظ واحد، كان مبدعا ووقعت واحدة عند تكامل الشروط عند أكثر أصحابنا، وفيهم من قال: لا يقع شئ أصلا وبه قال علي - عليه الصلاة والسلام - وأهل الظاهر، وحكى الطحاوي عن محمد بن إسحاق أنه تقع واحدة كما قلناه، وروي أن ابن عباس وطاوسا كانا يذهبان إلى ما يقوله الإمامية.
وقال الشافعي: فإن طلقها ثنتين أو ثلاثا في طهر لم يجامعها فيه، دفعة أو متفرقة كان ذلك مباحا غير محذور ووقع. وبه قال في الصحابة عبد الرحمان بن عوف، ورووه عن الحسن بن علي - عليهما الصلاة والسلام -، وفي التابعين ابن سيرين، وفي الفقهاء أحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال قوم: إذا طلقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثا دفعة واحدة، أو متفرقة،