موردين، ومصداقه في الآية 229، هو الطلاق، وفي الآية 231، هو ترك الرجعة، والاختلاف في المصداق لا يوجب اختلافا في المفهوم.
2 - إن التطليقة الثالثة مذكورة في نسق الخطاب بعده في قوله تعالى: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * وعندئذ يجب حمل قوله تعالى: * (أو تسريح بإحسان) * المتقدم عليه على فائدة مجددة وهي وقوع البينونة بالاثنين (1) بعد انقضاء العدة.
وأيضا لو كان التسريح بإحسان هو الثالثة لوجب أن يكون قوله تعالى:
* (فإن طلقها) * عقيب ذلك هي الرابعة، لأن الفاء للتعقيب قد اقتضى طلاقا مستقلا بعد ما تقدم ذكره (2).
والإجابة عنه واضحة، لأنه لا مانع من الاجمال أولا ثم التفصيل ثانيا، فقوله تعالى: * (فإن طلقها) * بيان تفصيلي للتسريح بعد البيان الإجمالي، والتفصيل مشتمل على ما لم يشتمل عليه الاجمال من تحريمها عليه حتى تنكح زوجا غيره. فلو طلقها الزوج الثاني عن اختياره فلا جناح عليهما أن يتراجعا بالعقد الجديد إن ظنا أن يقيما حدود الله فأين هذه التفاصيل من قوله:
* (أو تسريح بإحسان) *.
وبذلك يعلم أنه لا يلزم أن يكون قوله: * (فإن طلقها) * طلاقا رابعا.
وقد روى الطبري عن أبي رزين أنه قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قوله: * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * فأين الثالثة؟ قال رسول الله: * (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * هي الثالثة (3).