العقاب على الترك، لكن لا يكون مقبولا للمولى.
وعمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل، فإنه روحه، وهو بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلا في جميعه فتمامه مقبول، وإلا فبمقداره، فقد يكون نصفه مقبولا، وقد يكون ثلثه مقبولا، وقد يكون ربعه، وهكذا.
ومعنى الإقبال أن يحضر قلبه ويتفهم ما يقول، ويتذكر عظمة الله تعالى، وأنه ليس كسائر من يخاطب ويتكلم معه، بحيث يحصل في قلبه هيبة منه، وبملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة حياء، وحالة بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى.
وللإقبال وحضور القلب مراتب ودرجات، وأعلاها ما كان لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة ولا يحس به. وينبغي له أن يكون مع الخضوع والخشوع والوقار والسكينة، وأن يصلي صلاة مودع، وأن يجدد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يكون صادقا في أقواله، كقوله: " إياك نعبد وإياك نستعين " وفي سائر مقالاته، وأن يلتفت أنه لمن يناجي وممن يسأل ولمن يسأل.
وينبغي أيضا أن يبذل جهده في الحذر عن مكائد الشيطان وحبائله ومصائده التي منها إدخال العجب في نفس العابد، وهو من موانع قبول العمل. ومن موانع القبول أيضا حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة.
ومنها الحسد والكبر والغيبة. ومنها أكل الحرام وشرب المسكر. ومنها النشوز والإباق، بل مقتضى قوله تعالى: " إنما يتقبل الله من المتقين " عدم قبول الصلاة وغيرها من كل عاص وفاسق.
وينبغي أيضا أن يجتنب ما يوجب قلة الثواب والأجر على الصلاة، كأن يقوم إليها كسلا ثقيلا في سكرة النوم أو الغفلة، أو كان لاهيا فيها،