فإن قلت: إسلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وإيمانه بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان في حال صباه، وقبل بلوغه، ولا عبرة بإسلام الصبي، فلا يكون فضلا له موجبا لتقدم إسلامه على إسلام الخلفاء.
قلت: هذا اعتراض على خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم حيث مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بأنه أول المؤمنين إيمانا، وأول المسلمين إسلاما، كما رواه الفريقان، بل قد عرفت أن الخليفة الثاني من جملة رواة هذه الرواية الشريفة، وأنه قال: لوددت أن يكون لي واحدة منهن، وكانت أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، بل اعتراض على الله تعالى شأنه حيث أنزل في شأنه عليه السلام قوله عز وجل: " والسابقون السابقون * أولئك المقربون " (1) باتفاق روايات الفريقين، فهو لا يستحق جوابا حينئذ ومع ذلك نقول تفضلا: إن الصبا لا يمنع من كمال العقل الموجب لقبول الإسلام والإيمان، ألا ترى أن عيسى ويحيى عليه السلام أوتيا الحكمة في حال الصبا ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام حسب أخبار النورانية وغيرها من الأخبار التي رواها الفريقان كان أكمل الخلق بعد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، فلا مجال حينئذ لتوهم عدم قبول إيمانه في حال صباه، بل يجب على من أسلم بعد عثوره على روايات الباب الاعتراف بفضيلة أخرى له عليه السلام وهو كماله قبل بلوغه عليه السلام لا الاستبعاد، وإظهار التزلزل في قبول إيمانه عليه السلام.