أمير المؤمنين، فهو أبين بطلانا، إذ المراد من التفويض إما الإنابة والتوكيل أو إلقاء حبل الخلافة إليهم، معرضا عنها، مسقطا حقه فيها أم لا والكل باطل.
أما الأول فمع أنه فرية بينة، لا يجامع مع إصرارهم على أخذ البيعة منه عليه السلام حتى اهتموا بإحراق بيت سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام لإخراجه وإحضاره وأخذ البيعة منه عليه السلام كرها، كما رواه نقلة الأخبار من الفريقين، إذ لا مجال لأخذ النائب البيعة من المنوب عنه.
وأما الثاني فهو غير معقول في حد نفسه، لأن حبل الخلافة بيده تعالى شأنه، ولا يقبل السقوط بإسقاط الإمام عليه السلام مع أنه باطل مع قطع النظر عما بينا، لمنافاته مع شكايته عليه السلام عنهم في مواضع كثيرة، كما عرفت.
وأما الثالث فهو راجع في الحقيقة إلى الأول.
وكيف كان لا يجامع هذا النحو من التفويض، مع أخذ البيعة منه عليه السلام وينافي مع شكايته عليه السلام عنهم، فلا معنى للتفويض على كل، بل لم يدعه أحد من الأمة.
نعم صبر عليه السلام على غصب حقه، ولا يطالبه بالسيف خوفا من ارتداد الناس عن الإسلام رأسا.
وإن أريد أن خلافة الخلفاء كانت بمشيئته تعالى وإلا لم تكن، إذ " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " ففيه: أن مشيئته تعالى بمعنى التقدير، وعدم منع العبد عن مراده، وإبقاء الاختيار له، حتى يتمكن من فعل ما أراده جارية في الطاعة والمعصية، وإلا لم يصدر منهم، مع أن صدور المعصية منهم من الشرك والإلحاد وهكذا، واضح بين، فلا تكشف المشيئة بهذا المعنى من رضائه تعالى شأنه بما فعله العبد. فتبين بما بيناه غاية التبين أن نسبة تقديم الخلفاء إلى الله تعالى غلط بين.