إذا وقفت على ذلك فاعلم أن عزل سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر، ونصب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لتبليغ سورة البراءة معللا بأنه لا يؤدي عني إلا أنا أو من كان مني، وعلي مني وأنا منه، تصريح بعدم أهلية أبي بكر، ومن يحذو حذوه لمقام الخلافة والإمامة، وإن المستحق لها ليس إلا أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم، الذين هم منه، وهو منهم، لأن الخلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم تولية لتأدية ما هو من وظيفته وشأنه صلى الله عليه وآله وسلم، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: بأن الأمين جبرائيل عليه السلام هبط إلي، وقال: (أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني وأنا منه، فلا يؤدي عني إلا علي " وعزل أبي بكر، لأنه ليس منه تصريح بأن التأدية عنه صلى الله عليه وآله وسلم من وظائف نفسه الشريفة، ومن كان منه، ولا يجوز لغيره القيام بها، فكيف يجوز حينئذ لأبي بكر وتاليه أن يباشروا الخلافة، ويؤدوا عنه وظائف النبوة والرسالة.
فإن قلت: لو كان الأمر كذلك لم يجز لأحد من الصحابة أن يبلغ ما سمعوه من الأحكام، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بتبليغ الشاهد منهم الغائب، وقال:
رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، والوالد الولد. (1) قلت: تبليغ الأحكام على وجه الرواية وظيفة كل صحابي سمع منه صلى الله عليه وآله وسلم، والذي هو من وظيفته صلى الله عليه وآله وسلم ووظيفة أهل بيته عليهم السلام إنما هو التأدية عنه بمعنى التولية لأداء ما هو من وظيفته، وتنفيذه، والخلافة عنه ليس مجرد الرواية عنه، وإلا لاشترك فيها جميع الصحابة، وإنما هي تولية لأمر الدين، وتنفيذ لما هو من وظيفته فتختص بأهل بيته.