وأيضا الغرض من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعلها أذن علي عليه السلام وإجابته تعالى شأنه، وتنزيل الآية في شأن علي عليه السلام إجابة لدعاء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ليس إلا حفظ الدين والكتاب بسبب وعيها، فلو لم يكن عنده معصوما من الزلل والخطأ، كما عصمه من السهو والنسيان للزم نقض الغرض، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والفرق بين هذا الوجه وسابقه: أن هذا ناظر إلى الالتزام العقلي، والأول إلى الالتزام اللفظي.
وإذا اتضح لك هذا المعنى اتضح لك أنه صلى الله عليه وآله وسلم هاد إلى الحق بقول مطلق، لا يفارق عن الحق أبدا، يدور معه الحق أينما دار.
ومن هذا شأنه يستحق الخلافة والإمامة قطعا لأن الخلافة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث نبوته ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم المستتبعة لافتراض طاعته على الأمة إنما هي من شؤون الهداية إلى الدين الحنيف، التي لم يبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا لها، وليس للخلفاء المقدمين عليه هذا الشأن قطعا، لمراجعتهم (1) في كثير من الموارد التي أشكل عليهم الأمر إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، كما هو مذكور في كتب الفريقين، فتختص الخلافة والإمامة به حينئذ، إذ لا مجال للعدول عن مثله عليه السلام إلى غيره من الأمة، قال الله تعالى: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (2) فالآية الكريمة دالة وناصة على اختصاص الخلافة والإمامة به عليه السلام، لأن النص على الشئ قد يكون بالتنصيص على وجود علته وسببه، كما في المقام، فيستدل به على