أزمة الحق جمع زمام كأنه جعل الحق دائرا معهم حيثما داروا، وذاهبا معهم حيثما ذهبوا، كما أن الناقة طوع زمامها، وقد نبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صدق هذه القضية بقوله: وأدر الحق معه حيث دار قوله: والسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية، قال الله تعالى: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " (1) كما كان لا يصدر عنهم حكم ولا قول إلا وهو موافق للحق والصواب، كأنهم ألسنة الصدق، لا يصدر عنها قول كاذب أصلا، بل هي كالمطبوعة على الصدق، قوله: فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن تحت سر عظيم وذاك أنه أمر المكلفين بأن يجرى العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن.
ثم قال ابن أبي الحديد: فإن قلت: فهذا القول منهم مشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك؟ قلت: نص أبو محمد بن متويه رحمه الله في كتاب الكفاية على: " أن عليا عليه السلام معصوم، وإن لم يكن واجب العصمة، ولا العصمة شرط في الإمامة، لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه، وإن ذلك أمر اختص هو عليه السلام به دون غيره من سائر الناس، والفرق ظاهر بين قولنا: زيد معصوم، وبين قولنا: زيد واجب العصمة لأنه إمام، ومن شرط الإمام أن يكون معصوما، فالاعتبار الأول مذهبنا، والاعتبار الثاني مذهب الإمامية " انتهى. (2) أقول: لا شبهة في نزول آية التطهير في شأن الخمسة الطيبة صلوات الله عليهم وقد اتفق عليه المسلمون، وتواترت فيه روايات الفريقين، والشأن إنما هو في بيان معنى الآية الكريمة، ووجه دلالتها على عصمة