فاعلم أنه لا يجوز أن يراد من الإرادة في الآية الكريمة الإرادة التشريعية، لأن الله تعالى خلق الجن والإنس للطاعة والعبادة، ويسرهم لذلك، وأمرهم به، قال الله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " فلا وجه لاختصاص أهل البيت عليهم السلام به، وحصر المراد في طاعتهم، فتعين أن يكون المراد هي الإرادة التكوينية التي لا تتخلف عن المراد.
ثم إن الرجس الذي هو مفرد معرف باللام، وإن كان لا يفيد العموم في حد نفسه، إلا أنه يفيده باعتبار وقوعه مفعولا ليذهب، لأن الاذهاب رفعا أو دفعا في معنى سلب الرجس ونفيه، ولا يصدق سلبه إطلاقا إلا بانتفاء كل فرد منه، وأوضح منه في إفادة العموم قوله عز من قائل: " ويطهركم تطهيرا " ضرورة عدم حصول التطهير برفع بعض الأقذار دون بعض، وإنما يتحقق التطهير برفع جميع الأقذار، ودفعه عن المحل.
فتبين بما بيناه غاية التبين دلالة الآية الكريمة على عصمة أهل البيت عليهم السلام، وتنزههم عن كل رجس وقذر، ذنبا كان أو غيره.
فإن قلت: الآية الكريمة إنما تدل على عصمتهم حين نزولها، لا قبله، لأن الله تعالى أخبر عن إرادته في الحال، وعبر بصيغة المضارع التي هي للحال أو للاستقبال، فلا تدل على عصمتهم من حين تولدهم، كما تدعيه الإمامية - رضوان الله عليهم - خصوصا مع التعبير بالتطهير، وإذهاب الرجس المتوقف على ثبوته في المحل.
قلت: إن تأليف الكلام المجيد سابق على تنزيله على خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم فلو دل الكلام على الحال فإنما يدل على حال التأليف، لا حال التنزيل، والتأليف سابق على ولادتهم عليهم السلام كما يظهر من الأخبار، مع أن دلالة