ومنه يعلم اعتصام الماء القليل الذي أصابه المطر عن الانفعال حين نزول المطر فيه إذا لاقى نجاسة في تلك الحال، خلافا لما في المستند من تفصيله في هذا القليل الواقع عليه المطر بين كونه مجتمعا من مائه فلا ينفعل وبين كونه مجتمعا من غيره فينفعل، أخذا في الأول بالعمومات أي عمومات طهارة ماء المطر وطهارة مطلق الماء كما فسره في حاشية منه، وعملا في الثاني باستصحاب حكم القليل الثابت له قبل اتصال المطر به، ثم أخذ في معارضة أدلة الطرفين والجرح والتعليل بما لا فائدة لنا في ذكره.
وأنت خبير بما في هذا التفصيل من منافاته للسلوك مع الدليل، لعدم تفاوت حكم ماء القليل في ظاهر الدليل بملاحظة أصله من كونه مأخوذا من كر أو جار أو بئر أو مطر، أو أنه كان قليلا من أصله، مع أن استصحاب الحكم لا يتفاوت الحال فيه بين القليل المأخوذ من المطر أو المأخوذ من غيره، بعد مسلمية أن القليل الحاصل من المطر حكمه حكم سائر المياه القليلة كما بنى هو (قدس سره) أيضا عليه في الواقف منه.
اللهم إلا أن يكون مراده - ولو بعيدا - من المجتمع من المطر - المجتمع حال نزوله مما هو قليل بملاحظة نفسه مع قطع النظر عن كونه ماء مطر.
وفيه: أنه لا ينحصر طهارة هذا الماء المجتمع حال نزول المطر في الاستصحاب، بل هو مصب جميع الأخبار الماضية الدالة على عصمة المطر.
وكيف كان فيكفي في تقوي هذا القليل بالمطر الواقع عليه اتحاده معه باتصاله ومزجه به، كما أنه يتقوى بكل معتصم إذا اتحد معه بالاتصال به مع المزج من الجاري والكر وغيرهما. ومناط الوحدة والاتصال في كل مورد بما يراه العرف ويحكم بتحققه فيه.
ومنه يعلم عدم جريان استصحاب الحكم هنا. فإذا تبين أن ماء المطر معتصم بنفسه يكون من حكمه لا محالة أنه لا ينفعل إلا بما يغير أحد أوصافه الثلاثة كغيره من الجاري والكر والبئر من المعتصمات، وكلا الحكمين بحمد الله واضح لاخفاء فيهما.