أخيه (عليه السلام): " في جرة فيها ألف رطل من الماء فوقع فيه اوقية من دم هل يصلح شربه؟ فقال: لا " لأن ألف رطل على ما حدد بعضهم الشبر من الماء فوجده ألفين وثلاثمائة وثلاثة وأربعين مثقالا يقرب من ثلاثين شبرا، ومع هذا حكم (عليه السلام) بانفعاله فكيف يجتمع مع تحديد الكر بسبعة وعشرين شبرا كما اختاره القميون؟! ومضافا إلى إعراض القوم عن المحددة بالذراعين التي يبلغ محصلها - على ما ذكروه - ستة وثلاثين شبرا، وإن حكي عن المدارك أنه جعله أصح رواية وجدها في المقام.
ولذا عن الشيخ (قدس سره) أنه حملها على بيان الوزن، لما ذكره جمع من حصوله في ستة وثلاثين شبرا، الذي هو محصل ضرب الذراعين في ذراع وشبر لتحديدهم الذراع بشبرين.
فتنقح سلامة المحددتين بثلاثة أشبار ونصف من مرسلة ابن أبي عمير ورواية أبي بصير عن المعارض المكافئ، فصح من أجلها قوة القول المذكور. فنهوضهما لإثبات قول المشهور لأجل كمال قابليتهما للاعتماد خال عن وسمة الريب، مع أن قول ابن الجنيد بتحديده بمائة شبر مساحة مع الغض عن عدم الدليل عليه، وعن منافاته لما اختاره في تحديده الوزني من موافقة المشهور يمكن دعوى الإجماع على بطلانه، لعدم موافقة أحد من القوم معه.
والأقوال الأخر يكفي في ردها عدم وفاء دليل تام عليها، فعمومات الانفعال يرفعها مضافا إلى إمكان إرجاع قول الراوندي بتحديده بعشرة أشبار ونصف إلى قول المشهور، وقول ابن طاووس بالتمييز بين الروايات فرع عدم المرجح، وقد عرفت تحقق المرجح، لما دل على التحديد بما يبلغ مكسره ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن شبر.
بقي هنا الاشكال المعروف من زيادة التحديد المساحي على التحديد الوزني، مع أن التحديدات الشرعية غير مبتنية على المسامحة كالمقادير العرفية، بل محمولة على الحقيقة المنافية للزيادة والنقيصة بما يتسامح فيه، فكيف لو زاد عن حد التسامح كما ادعي في المقام؟!