كرا، والكرية قائمة بالمجموع منهما؟
ومنه يعلم - خلافا لشيخنا الأستاذ - صحة الاستدلال بمرسلة ابن أبي يعفور أيضا من قوله (عليه السلام): " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (1) إذ لولا أن العصمة القائمة به لا بنفسه بفعل البعض الملاقي لبعضه النجس به، وهكذا إلى أن ينتهي فتطهير بعضه الغير المنفعل للمنفعل أو حفظ بعضه البعض عن الانفعال دليل على عاصمية تمام الأبعاض، ولازم عاصميته دفع النجاسة الواردة عليه عن التأثير فيه، وهو المطلوب.
وأما ما ذكره - طاب ثراه - في مقام عدم صحة الاستدلال بالمرسلة من قوله - طاب ثراه -: " مع أن رفع النجاسة المتحققة في بعض النهر أو بعض ماء الحمام لا يكون بأي بعض، وعلى أي وجه - على ما هو ظاهر عموم الرواية - بخلاف دفعها، فإن كل بعض منه معتصم بالبعض الآخر " فحق بما نذكره من التفصيل والبيان:
أما منعه قيام الرافعية بكل بعض وعلى أي وجه فحق. وأما دعواه ظهور الرواية في العموم من الجهتين فغير مسلمة، بل الظاهر أنها من حيث قيام الرافعية بالأبعاض مهملة. وأما الكيفية فهي محمولة على ما هو المعهود من تطهير الماء بالماء. وأما تنزيله الرواية على الدفع فغير ضائر لثبوت المطلوب به أيضا.
فقوله - مفرعا على ذلك -: " ومنه يظهر أن الرواية أدل على خلاف المطلوب، حيث إن ظاهرها اعتصام ماء النهر بعضه ببعض لا بالمادة، فيدل على اعتبار كثرته في اعتصامه " غير خفي أن الاستظهار المذكور في غاية الخفاء، إذ لا يلزم في دلالة الرواية على اعتصام ماء النهر كونه قائما به لا بالمادة حتى يدعى ظهورها في خلاف المطلوب، بل يكفي في دلالتها ظهورها في الاعتصام في الجملة، سواء كان لنفسه أو لأجل المادة، بل لا يفهم من قيامه به بنفسه سلب قيامه بالمادة، إذ لا يعقل الاثنينية والتفكيك هنا، لمدخلية المادة في تحقق الموضوع كما سبق