المضمرات، ولو قلت إيا زيد حدثت لكان قبيحا، لأنه خص بالمضمر.
قال ابن جني: وتأملنا هذه الأقوال على اختلافها والاعتلال لكل قول منها فلم نجد فيها ما يصح مع الفحص والتنقير غير قول الأخفش، أما قول الخليل إن إيا اسم مضمر مضاف فظاهر الفساد وذلك أنه إذا ثبت أنه مضمر لم تجز إضافته على وجه من الوجوه لأن الغرض من الإضافة إنما هو التعريف والتخصيص، والمضمر على نهاية الاختصاص فلا حاجة به إلى الإضافة؛ وأما قول من قال إن إيا بكمالها اسم فليس بقوي، وذلك أن إياك في أن فتحة الكاف تفيد للخطاب المذكر وكسرة الكاف تفيد للخطاب المؤنث بمنزلة أنت في أن الاسم وهو الهمزة والنون والتاء المفتوحة تفيد للخطاب المذكر والتاء المكسورة تفيد للخطاب المؤنث، فكما أن ما قبل التاء في أنت هو الاسم، والتاء هو الخطاب، فكذا إيا اسم والكاف بعدها حرف خطاب؛ وأما من قال إن الكاف والهاء والياء في إياك وإياه وإياي هي الأسماء وأن إيا إنما عمدت بها هذه الأسماء لقلتها، فغير مرضي أيضا، وذلك أن إيا في أنها ضمير منفصل بمنزلة أنا وأنت ونحن وهو وهي في أن هذه مضمرات منفصلة، فكما أن أنا وأنت ونحوهما يخالف لفظ المرفوع المتصل نحو التاء في قمت والنون والألف في قمنا والألف في قاما والواو في قاموا، بل هي ألفاظ أخر غير ألفاظ الضمير المتصل، وليس شيء منها معمودا له غيره، وكما أن التاء في أنت، وإن كانت بلفظ التاء في قمت وليست اسما مثلها بل الاسم قبلها هو أن والتاء بعدها للمخاطب وليست أن عمادا للتاء، فكذلك، إيا هي الاسم وما بعدها يفيد الخطاب والغيبة تارة أخرى، والتكلم أخرى، وهو حرف خطاب كما أن التاء في أنت غير معمود بالهمزة، والنون من قبله، بل ما قبلها هو الاسم وهي حرف خطاب، فكذلك ما قبل الكاف في إياك اسم والكاف حرف خطاب، فهذا هو محض القياس؛ وأما قول أبي إسحق إن إيا اسم مظهر خص بالإضافة إلى المضمر، ففاسد أيضا، وليس إيا بمظهر، كما زعم، والدليل على أن إيا ليس باسم مظهر اقتصارهم به على ضرب واحد من الإعراب وهو النصب؛ ولم نعلم اسما مظهرا اقتصر به على النصب البتة إلا ما اقتصر به من الأسماء على الظرفية، وذلك نحو ذات مرة وبعيدات بين وذا صباح وما جرى مجراهن، وشيئا من المصادر نحو سبحان الله ومعاذ الله ولبيك، وليس إيا ظرفا ولا مصدرا فيلحق بهذه الأسماء، فقد صح إذن بهذا الإيراد سقوط هذه الأقوال، ولم يبق هنا قول يجب اعتقاده ويلزم الدخول تحته إلا قول أبي الحسن الأخفش من أن إيا اسم مضمر، وأن الكاف بعده ليست باسم، وإنما هي للخطاب بمنزلة كاف ذلك وأرأيتك وأبصرك زيدا والنجاك؛ قال: وسئل أبو إسحق عن معنى قوله، عز وجل: إياك نعبد وإياك نستعين، ما تأويله؟ فقال: تأويله حقيقتك نعبد، قال: واشتقاقه من الآية التي هي العلامة. قال ابن جني وهذا غير مرضي وذلك أن جميع الأسماء المضمرة مبني غير مشتق نحو أنا وهي وهو، وقد قامت الدلالة على كونه اسما مضمرا فيجب أن لا يكون مشتقا.
وإيا الشمس، بالكسر والقصر، أي مع التخفيف، وبالفتح والمد أيضا، وإياتها، بالكسر والفتح، فهي أربع لغات؛ نورها وحسنها وضوءها؛ ويقال: الإياة للشمس كالهالة للقمر؛ وشاهد إياة قول طرفة:
سقته إياة الشمس إلا لثاته * أسف ولم تكدم عليه بإثمد (1) وشاهد إيا بالكسر مقصورا وممدودا قول معن بن أوس أنشده ابن بري:
رفعن رقما على أيلية جدد * لاقى أياها أياء الشمس فائتلقا (2) فجمع اللغتين في بيت.
وكذا الإياء من النبات: حسنه وبهجته في اخضراره ونموه.