الواو فيه (1) ياء لأن أكثر هذا الضرب من المصادر على فعولة إنما هو من الواو كالأخوة، فحملوا ما كان من الياء عليه فلزم القلب، وأما الفتو، فشاذ من وجهين: أحدهما: أنه من الياء، والثاني: أنه جمع، وهذا الضرب من الجمع تقلب فيه الواو ياء كعصي، ولكنه حمل على مصدره، انتهى. وبما ذكرنا يظهر لك ما في كلام شيخنا من المخالفة.
والفتي، كغني: الشاب من كل شيء، وقد فتي يفتى فتى فهو فتى السن بين الفتاء.
وقال أبو عبيد: الفتاء، ممدود، هو مصدر الفتي من السن.
وهي فتية، قد نسي هنا اصطلاحه؛ ج فتاء، بالكسر والمد؛ قال عدي بن الرقاع:
يحسب الناظرون ما لم يفروا * أنها جلة وهن فتاء وفتيت البنت تفتية: إذا خدرت وسترت ومنعت من اللعب مع الصبيان، والعدو معهم، فتفتت أي تشبهت بالفتيات وهي صغراهن؛ كما في الصحاح. ويأتي في قني، في الصحاح إنكار ذلك عن أبي سعيد، وأن الجوهري سأله عن ذلك فلم يعرفه.
ومن المجاز: لا أفعله ما كر الفتيان، أي الليل والنهار؛ كما يقال لهما الأجدان والجديدان، وهما مثنى الفتى.
ووجد بخط أبي سهل الهروي في نسخة الصحاح الفتيان كغنيان، وغلطه أبو زكريا وقال: الصحيح الفتيان (2) بالتحريك.
وأفتاه الفقيه في الأمر الذي يشكل: أبانه له. ويقال: أفتيت فلانا في رؤيا رآها: إذا عبرتها له.
وأفتيته في مسألة: إذا أجبته عنها؛ ومنه قوله تعالى: (قل الله يفتيكم في الكلالة) (3).
والفتيا والفتوى بضمهما وتفتح، أي الأخيرة: ما أفتى به الفقيه في مسألة.
قال الراغب: هو الجواب عما يشك فيه من الأحكام.
وقال الجوهري: هما اسمان من أفنى، واقتصر على ضم الفتيا وفتح الفتوى.
وفي المصباح: الفتوى، بالواو، تفتح (4) الفاء وتضم: اسم من أفتى العالم إذا بين الحكم.
ويقال: أصله من الفتى وهو الشاب القوي، والجمع الفتاوي، بكسر الواو على الأصل، وقيل يجوز الفتح للتخفيف.
وقال شيخنا: الكلمة الأولى التي هي الفتيا لا يعرف ضبطها من كلامه، والثانية أفهم كلامه أنها بالضم راجحة، وأن الفتح فيها مرجوح، وليس الأمر كذلك، بل المصرح به في أمهات اللغة وأكثر مصنفات الصرف أن الفتيا بالياء لا تكون إلا مضمومة، وأن الفتوى بالواو لا تكون إلا مفتوحة على ما اقتضته قواعد الصرف. ففي كلامه نظر وتقصير فتأمل.
* قلت: الأمر في كون كلام المصنف دل على مرجوحية الفتح كما ذكره شيخنا، وأما قوله لا يعرف ضبط الأولى من كلامه، فإن قوله فيما بعد وتفتح هو يدل على أنهما بالضم، والمصنف يفعل ذلك أحيانا مراعاة للاختصار. وقوله أن الفتيا بالياء لا تكون إلا مضمومة هو صحيح، ولكن قوله وبالواو لا تكون إلا مفتوحة غير صحيح. فقد صرح (5) بالوجهين صاحب المصباح كما قدمنا كلامه، وابن سيده فإنه ضبطه بالوجهين وقال: الفتح لأهل المدينة، أي وما عداهم يضمون الفاء فلا تقصير في كلام المصنف، فتأمل.