ثنائية، وإنما هي ثلاثية في الوجهين، فتأمل ذلك حق التأمل وأنصف.
والواو مؤلفة من واو وياء وواو هذا هو المختار عند أئمة الصرف، وذلك لأن ألف الواو لا تكون إلا منقلبة، فإذا كانت كذلك فلا تخلو من أن تكون عن الواو أو عن الياء، ولا تكون عن الواو لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة، ولا نعلم ذلك في الكلام البتة إلا ببة وما عرب كالكك، فإذا بطل انقلابها عن الواو ثبت أنه عن الياء فخرج إلى باب وعوت على الشذوذ.
وحملها أبو الحسن الأخفش على أنها منقلبة عن واو، واستدل على ذلك بتفخيم العرب إياها وأنه لم تسمع الإمالة فيها، فقضى لذلك بأنها من الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات.
قال ابن جني: ورأيت أبا علي ينكر هذا القول ويذهب إلى أن الألف فيها منقلبة عن ياء، واعتمد ذلك على أنه إن جعلها من الواو كانت العين والفاء واللام كلها لفظا واحدا، قال أبو علي: وهو غير موجود.
قال ابن جني: فعدل إلى القضاء بأنها من الياء، قال: ولست أرى بما أنكره أبو علي على أبي الحسن بأسا، وذلك أن أبا علي وإن كره ذلك لئلا تصير حروفه كلها واوات، فإنه إذا قضى بأن الألف من ياء لتختلف الحروف فقد حصل بعد ذلك معه لفظ لا نظير له، ألا ترى أنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو ولامه واو إلا قولنا واو؟ فإذا كان قضاؤه بأن الألف من ياء لا يخرجه من أن يكون الحرف فذا لا نظير له، فقضاؤه بأن العين واو أيضا ليس بمنكر، يعضد ذلك شيئان: أحدهما: ما وصى به سيبويه من أن الألف إذا كانت في موضع العين فأن تكون منقلبة عن الواو أكثر من أن تكون منقلبة عن الياء، والآخر: ما حكاه أبو الحسن من أنه لم يسمع عنهم فيها الإمالة، وهذا أيضا يؤكد أنها من الواو؛ قال: فلأجل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أبي علي تعادل عندنا المذهبان أو قربا من التعادل، انتهى.
وقال الكسائي: ما كان من الحروف على ثلاثة أحرف وسطه ألف ففي فعله لغتان الواو والياء كقولك دولت دالا وقوفت قافا أي كتبتهما، إلا الواو فإنها بالياء لا غير لكثرة الواوات، تقول فيها وييت واوا حسنة؛ وغير الكسائي يقول: أويت.
وقال الخليل: وجدت كل واو وياء في الهجاء لا يعتمد على شيء بعدها يرجع في التصريف إلى الياء نحو ياء وفاء وطاء ونحوها.
قلت: حكى ثعلب وويت واوا حسنة عملتها، فإن صح هذا جاز أن تكون الكلمة من واو وواو وياء، وجاز أن تكون من واو وواو وواو، فكان الحكم على هذا وووت غير أن مجاوزة الثلاثة قلبت الواو الأخيرة ياء.
وتذكر أقسامها في الحروف اللينة إن شاء الله تعالى.
* ومما يستدرك عليه:
الواو: اسم للبعير الفالج، قاله الخليل وأنشد:
وكم محتذ أغنيته بعد فقره * فآب بواو جمة وسوام كذا في البصائر للمصنف، ونقله شيخنا عن البرماوي في شرح اللامية وفسره فقال: هو الذي ليس له سنام.
والنسبة إلى الواو: واوي، ويقال هذه قصيدة واوية إذا كانت على الواو، وتحقيرها ووية، ويقال أوية، ويقال: واو مواوأة وهمزوها كراهة اتصال الواوات.
ويقال: كلمة مأواة كمعواة أي مبنية من بنات الواو ويقال أيضا: موياة من بنات الواو، وميواة من بنات الياء.
وجمعها على أفعال أواء في قول من جعل ألفها منقلبة عن واو، وأصلها أواو فلما وقعت الواو طرفا بعد ألف زائدة قلبت ألفا، ثم قلبت تلك الألف همزة. وإن جمعتها على أفعل قلت أو، وأصلها أووو، فلما وقعت الواو طرفا مضموما ما قبلها أبدل من الضمة كسرة ومن الواو ياء، وقلت أو كأدل وأحق.
وفي قول من جعل ألفها منقلبة عن ياء يقول في جمعه على أفعال أياء، وأصلها عنده أوياء، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الواو بالسكون قلبت الواو