الممدود الخفي، قال: والرعد يحيى وحاة؛ ج أي جمع الوحي بمعنى الكتاب، كما في الصحاح، وحي، كحلي وحلي، أنشد الجوهري للبيد:
فمدافع الريات عري رسمها * خلقا كما ضمن الوحي سلامها (1) أراد: ما يكتب في الحجارة وينقش عليها.
وأوحى إليه: بعثه؛ ومنه الوحي إلى الأنبياء، عليهم السلام.
قال ابن الأعرابي: يقال أوحى الرجل إذا بعث برسول ثقة إلى عبد من عبيده ثقة، انتهى.
واللغة الفاشية في القرآن أوحى بالألف والمصدر والمجرد، ويجوز في غير القرآن وحى إليه وحيا، والوحي ما يوحيه الله إلى أنبيائه.
قال ابن الأنباري: سمي وحيا لأن الملك أسره عن الخلق وخص به النبي المبعوث إليه. وأصل الإيحاء أن يسر بعضهم إلى بعض، كما في قوله تعالى: (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) (2)؛ هذا أصل الحرف ثم قصر أوحاه على معنى ألهمه.
وقال أبو إسحق: أصل الوحي في اللغة إعلام في خفاء، ولذلك صار الإلهام يسمى وحيا.
قال الأزهري: وكذلك الإشارة والإيماء يسمى وحيا، والكتابة تسمى وحيا، وقوله، عز وجل: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) (3) معناه إلا أن يوحى إليه وحيا فيعلمه بما يعلم البشر أنه أعلمه، إما إلهاما أو رؤيا، وإما أن ينزل عليه كتابا كما أنزل على موسى، أو قرآنا يتلى عليه كما أنزله على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم وكل هذا إعلام وإن اختلفت أسبابها والكلام فيها.
وقال الراغب: أصل الوحي الإشارة السريعة وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، ويكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة بعض (4) الجوارح بالكتابة وغير ذلك، ويقال للكلمة الإلهية التي تلقى إلى أنبيائه وأوليائه وحي، وذلك إما برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبريل في صورة معينة، وإما بسماع كلام من غير معاينة كسماع موسى كلامه تعالى، وإما بإلقاء في الروع كحديث: إن جبريل نفث في روعي، وإما بإلهام نحو (أوحينا إلى أم موسى) (5)، وإما بتسخير نحو: (أوحى ربك إلى النحل) (6)، وإما بمنام كما دل عليه: حديث: انقطع (7) وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن.
وأوحت نفسه: إذا وقع فيها خوف.
والوحى، كالفتى: السيد الكبير من الرجال؛ قال الشاعر:
وعلمت أني إن علقت بحبله * نشبت يداي إلى وحى لم يصقع يريد: لم يذهب عن طريق المكارم، مشتق من الصقع.
والوحى: النار. وقال ثعلب: سألت ابن الأعرابي: ما الوحى؟ قال: الملك، فقلت: ولم سمي بذلك؟ قال: كأنه مثل النار ينفع ويضر.
والوحى: العجلة، يقولون: الوحى الوحى العجلة العجلة.
والوحى: الإسراع.
وفي الصحاح والتهذيب: السرعة؛ قال الجوهري: يقصر ويمد. والوحاء الوحاء يعني البدار البدار واقتصر الأزهري على المد؛ والصحيح أنهم إذا جمعوا بينهما مدوا وقصروا، فإذا أفردوه مدوه ولم يقصروه؛ قال أبو النجم: