وشاهد الاستغناء قوله تعالى: (واستغنى الله؛ والله غني حميد) (1). وشاهد التغني الحديث: ليس منا من لم يتعن بالقرآن.
قال الأزهري: قال سفيان بن عيينة: معناه من لم يستغن ولم يذهب به إلى معنى الصوت.
قال أبو عبيد: هو فاش في كلام العرب، يقولون: تغنيت تغنيا وتغانيت تغانيا بمعنى استغنيت؛ وقال الأعشى:
وكنت امرأ زمنا بالعراق * عفيف المناخ طويل التغن (2) أي الاستغناء.
واستغنى الله تعالى: سأله أن يغنيه، ومنه الدعاء: اللهم إني أستغنيك عن كل حازم، وأستعينك.
وغناه (3) الله تعالى؛ هو بالتشديد كما هو ضبط المحكم؛ وأغناه حتى غني: صار ذا مال؛ ومنه قوله تعالى: (وأنه هو أغنى وأقنى) (4).
وقيل غناه في الدعاء وأغناه في الخبر؛ والاسم الغنية، بالضم والكسر، والغنوة؛ هذه عن الكسائي وقد مر؛ والغنيان مضمومتين.
والغني، على فعيل: ذو الوفر، أي المال الكثير، والجمع أغنياء، وهو في القرآن والسنة كثير مفردا وجمعا؛ كالغاني؛ ومنه قول عقيل بن علقمة (5):
أرى المال يغشى ذا الوصوم فلا ترى * ويدعى من الأشراف ما كان غانيا وقال طرفة:
* فإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد (6) * وما له عنه غنى، بالكسر، ولا مغنى ولا غنية ولا غنيان، مضمومتين؛ أي بد.
والغانية من النساء المرأة التي تطلب هي، أي يطلبها الناس، ولا تطلب، أو هي الغنية بحسنها وجمالها عن الزينة بالحلي والحلل؛ أو التي غنيت، أي أقامت ببيت أبويها ولم يقع عليها سباء؛ هذه أغربها، وهي عن ابن جني أو هي الشابة العفيفة ذات زوج أم لا؛ هذه أربعة أقوال، ذكرهن ابن سيده.
وقال الأزهري: وقيل: هي التي تعجب الرجال ويعجبها الشبان.
وقال الجوهري: هي التي غنيت بزوجها؛ وأنشد لجميل:
أحب الأيامى إذ بثينة أيم * وأحببت لما أن غنيت الغوانيا (7) قال: وقد تكون التي غنيت بحسنها وجمالها، واقتصر على هذين القولين؛ ج غوان؛ وقول الشاعر:
وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه * ويعدن أعداء بعيد وداده (8) أراد الغواني فحذف تشبيها للأم المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الأشياء من خواص الأسماء.
قال الجوهري: وأما قول ابن الرقيات:
لا بارك الله في الغواني هل * يصبحن إلا لهن مطلب؟ (9)