صفر المناخر لغواها مبينة * في لجة الليل لما راعها الفزع (1) ولغي به، كرضي، لغا: إذا لهج به؛ كما في الصحاح والمحكم؛ زاد الراغب: لهج العصفور بلغاه؛ ومنه قيل للكلام الذي تلهج به فرقة: لغة، واشتقاقه من ذلك.
وفي كتاب الجيم: لغي به لغا: أولع به.
ولغي بالماء؛ وفي الصحاح بالشراب، إذا أكثر منه؛ زاد ابن سيده: وهو لا يروى مع ذلك.
وقال أبو سعيد: إذا أردت أن تنتفع بالإعراب فاستلغ العرب، أي استمع لغاتهم من غير مسألة.
وفي الأساس: وإذا أردت أن تسمع من الأعراب فاستلغهم أي استنطقهم، فعلى هذا القول السين للطلب.
وقول الجوهري لنباح الكلب: لغو، واستشهاده بالبيت باطل. وكلاب في البيت هو (2) ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة، لا جمع كلب.
* قلت: نصه في الصحاح: ونباح الكلب لغو أيضا، وقال:
* فلا تلغى لغيرهم كلاب * أي لا تقتنى كلاب غيرهم؛ كذا وجد بخطه، وفي بعض النسخ: أي لا تقتنى كلاب غيرهم.
قال شيخنا: والبيت نسبوه لناهض الكلابي وصدره:
* وقلنا للدليل: أقم إليهم (3) * ورواه السيرافي عن أبيه مثل رواية الجوهري، قال: وقد غلطوه وقالوا: الرواية تلغى بفتح التاء ومعناه تولع.
* قلت: وهكذا هو في نسخ الصحاح بفتح التاء (4)، ويروى بغيرهم؛ وأما قول المصنف لا جمع كلب فهو غريب.
وقال ابن القطاع: ولغيت بالشيء لهجت به؛ قال:
* فلا تلغى بغيرهم الركاب (5) * فتأمل.
وقرأت في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني في ترجمة ناهض (6) ما نصه: هو ابن ثومة بن نصيح بن نهيك بن إبام (7) بن جهضم بن شهاب بن أنس بن ربيعة بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، شاعر بدوي فصيح اللسان من شعراء الدولة العباسية، وكان يقدم البصرة فيكتب عنه شعره وتؤخذ عنه اللغة. روى ذلك عنه الرياشي وغيره من البصريين، ثم قال: أخبرني جعفر بن قدامة الكاتب: حدثني أبو هفان: حدثني غدير (8) بن ناهض بن ثومة الكلابي قال: كان شاعر من بني نمير يقال له رأس الكبش قد هجا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير زمانا فلما وقعت الحرب بيننا وبين نمير قال عمارة يحرض كعبا وكلابا ابني ربيعة على بني نمير:
رأيتكما يا ابني ربيعة خرتما * وغردتما والحرب ذات هدير (9) في أبيات أخر. قال: فارتحلت كلاب حين أتاها هذا الشعر حتى أتوا نميرا، وهي بهضبات يقال لهن واردات، فقتلوا واجتاحوا وفضحوا نميرا ثم انصرفوا، فقال ناهض بن ثومة يجيب عمارة عن قوله:
يحضضنا عمارة في نمير * لشغلهم (10) بنا وبه أرابوا سلوا عنا نميرا هل وقعنا * ببرزتها (11) التي كانت تهاب