في صدقه وحقيقته، فيكون الاعسار حينئذ هو الموافق للأصل الموجب لصدق المنكر على من يكون قوله موافقا له، فيتوجه عليه اليمين، وأما الأخبار فمع معارضتها بغيرها وكونها حكاية فعل لا عموم فيه محمولة على كون الدعوى مالية وكانت مسبوقة باليسار.
وأما الثانية أي تخصيص الجملة الثانية المتكفلة لبيان وظيفة المنكر:
من كونه منكرا لا يمين عليه أو يمين لا على المنكر، بل على المدعي.
فالأول منها: هو كل منكر لا غرامة عليه لو أقر بما أنكره فإنه لا يمين عليه لأن المنكر إنما كان عليه اليمين ليدفع بها غرامة المدعي عن نفسه فحيث لا غرامة فلا يمين. وهو واضح، مثاله: ما إذا كان عبد في يد انسان فادعى على مولاه أنه أعتقه. وادعى آخر على مولاه أنه باعه منه: فإن كذبهما المولى ولم تكن لهما بينة حلف لهما لأنه منكر لدعواهما وإن صدق أحدهما ثم كذب الآخر لم يحلف لمن كذبه لأنه لا غرامة مع إقراره فلا يمين مع انكاره، ضرورة أنه لو صدق المشتري أولا ثم أقر للعبد لم ينفذ إقراره لكونه إقرارا في ملك الغير ولا غرامة على تفويت الحرية لأنها غير مضمونة، فحيث لا غرامة باقراره لا يمين مع انكاره.
وهذه قاعدة مسلمة نبه عليها الشيخ في (المبسوط)، وكذا لو صدق العبد أولا لم يحلف للمشتري لانفساخ العقد بحرية العبد المسببة على إقراره له أولا، فيكون من تلف المبيع قبل قبضه الموجب للانفساخ قهرا وإتلاف البايع كالتلف السماوي في سببيته للانفساخ كما أسلفناه في محله، فتكون هذه القاعدة في مجاريها مخصصة لعموم اليمين على من أنكر.
والثاني: يمين الاستظهار التي هي على المدعي إذا كانت الدعوى على الميت، فإنها لا تثبت له إلا بالبينة واليمين معها، كما دلت عليه النصوص المستفيضة، والحق أن يمينه يمين المنكر، إذ لو كان حيا يدعى الوفاء