ومنها: دعوى الصبي الحربي الذي ظاهره البلوغ بالنبات: الاستنبات بالعلاج، ولم يكن عن بلوغ ليلحق بالذراري في عدم القتل. وعن بعض عدم قبول قوله إلا بالبينة، لأن النبات ظاهر في البلوغ اعتبره الشارع إمارة عليه، فهو مقدم على الأصل فيه، فهو مدع لمخالفة قوله له، فيطالب بالبينة عليه، والأقرب فيه القبول احتياطا في الدماء لأنه لو لم يسلم فليس إلا القتل، ولا أقل من كونه موجبا للشبهة التي تدرء بها الحدود بعد أن كان المجعول أمارة على البلوغ إنما هو النبات بنفسه لا مطلقا، وحيث احتمل كونه غيره أوجب دعواه الشبهة الدارئة للقتل.
نعم لو ادعى الاستنبات لابطال ما أوقع من عقد أو ايقاع، فإنه لا يقبل قوله حينئذ إلا بالبينة، لسلامة الأمارة فيه عما يوجب عدم العمل بها من الشبهة الدارئة للحد.
ومنها: دعوى البلوغ، والأقوى تقييدها بدعوى الاحتلام دون السن لعدم تعذر إقامة البينة عليه بخلاف الاحتلام الذي لا يعلم إلا من قبله فإنه يقبل فيه لأنه لا يمكن إقامة البينة عليه، فلو توقف عليها لزم الحرج والضرر المنفيان: آية ورواية (1).
وبالجملة: سماع الدعوى في مثل ذلك أنما هو للضرورة التي تتقدر بقدرها، وهي متحققة في دعوى الاحتلام دون السن.
اللهم إلا أن يقال بتعسر البينة غالبا عليه أيضا، فيلحق المتعسر غالبا بالمتعذر في القبول. ولعله لذا عن بعض قبول قوله فيه مطلقا من غير تقييد باختصاصه بدعوى الاحتلام، فتأمل. وكيف كان، فلا يمين عليه