فلا معنى لكون العين المملوكة ولو بالقرض في عهدة مالكها.
هذا وحيث كان التضمين من كيفيات التمليك توقف التملك على القبض، إذ لا ضمان إلا بعد الاستيلاء بعدية بالطبع والمعلومية لا بالزمان فلا يملك بمجرد العقد لعدم انفكاك ملكيته عن الكيفية الخاصة التي لا تحصل إلا بالقبض، فإذا الملكية الخاصة التي هي مفاد القرض معلولة للعلة المركبة من العقد والقبض معا، وفي قرض المقبوض يتحقق الملك بالعقد لتقديم ما به يتحقق الضمان، فلا يحتاج إلى مضي زمان بعده يمكن فيه القبض لو لم يكن مقبوضا، وفي معاطاته قام القبض مقام العلة المركبة في إفادتها الملكية المتزلزلة. وقيل بتوقف الملك على التصرف، وهو متجه، إن قلنا بأن مفاد القرض هو الإباحة بالعوض كالمعاطاة بناء على إفادتها الإباحة، إلا أنك قد عرفت أن مفاده التمليك بالضمان لا الإباحة بالعوض حتى يملك بالتصرف ولو بدخوله في الملك آنا ما قبله.
(المسألة الثانية): اختلفوا في كون القرض من العقود الجائزة، أو اللازمة على قولين: المشهور: هو الأول، بل الاجماع محكي عليه، وهو الحجة لهم، سيما بعد اعتضاده بالشهرة العظيمة. وذهب بعض المتأخرين إلى الثاني، وهو الأقوى، لعموم الأمر بالوفاء، خرج منه ما لو علم جوازه، وبقي غيره داخلا في العموم.
نعم ربما يقال: إن جواز الرجوع في العقد الجائز إنما هو لبقاء علقة الملكية السابقة للأول، وإن انتقل إلى الثاني. فهو من آثار السلطنة السابقة ومن شؤنها لأن العقود الناقلة للملك: (منها) ما يوجب قطع علقة الملكية بالكلية و (منها) ما يوجب نقل الملك مع بقاء العلقة للمالك ولو في الجملة بحيث يكون زمام الملك بعد بيده على وجه لو شاء الرجوع إليه لرجع، ولا سبيل إلى تعيين أحدهما بالأصل لو شك في كون العقد من أيهما، والشبهة مصداقية ولا يجوز