بين إقامة البينة أو اليمين. ومعها وإن كان لا يطالب باليمين لأن الاحلاف حق المدعي يضطر إليه عند الحاجة ومع البينة لا حاجة له إليه، لا أنه يطالب بدفع حجة المدعي أما بابطالها كالجرح أو بالمعارضة بمثلها كالبينة، فالمنكر مع عدم البينة للمدعي مخير بين اليمين وإقامة البينة، ومع بينة المدعي مخير بين إبطالها أو المعارضة بمثلها، غير أنه على الثاني يمكن أن تكون فائدة بينته دفع بينة المدعي، فيكون المورد بعد الاسقاط كما لو لم تكن بينة للمدعي، ويمكن ترجيحها باليد على بينة المدعي بناء على تقديم بينة الداخل على الخارج.
فاتضح بما ذكرنا أن اليمين حيث تتوجه على المنكر إنما هي من باب الارفاق لا حصر الحجة بها، والله العالم.
وأما النبوي، فمع كونه محمولا على الغالب، يحتمل أن يكون ناظرا إلى ما هو للمدعي وعليه من الميزان لقطع الخصومة التي هي من حقوقه ولذا لو تركها لترك من البينة عليه واليمين له على المدعى عليه. ولذا كان الاحلاف متوقفا على طلبه لأنه من حقوقه وإن توقف استيفاؤه على الحاكم وكان له الاكتفاء باليمين مع تمكنه من البينة فمساق الحديث: البينة على المدعي وله اليمين على من أنكر، وليس ناظرا إلى حصر إثبات حق المنكر باليمين.
وأما خبر منصور بن حازم، فمع كونه مرميا بالضعف، غير مكافئ لما دل على الترجيح في صورة التعارض بالمرجحات الآتية المستلزم لقبول بينة المنكر لو انفردت بنفسها، فيختص لو بني على العمل به بمورده من إلغاء بينة المنكر مع قيام بينة المدعي لا مطلقا، وإن كان التعليل فيه يقتضي العموم.