لأنها ضربت على المنكر دون المدعي، وللزوم الدور، لتوقف اعتبارها على البلوغ فلو توقف البلوغ عليها دار: (لا يقال) سماع الدعوى مشروط ببلوغ المدعي والشأن فيه، فيدور أيضا (لأنا نقول): ما دل على القبول في المقام من الضرورة يدل على القبول فيه من دون شرط، فيكون مخصصا لما دل على شرطية البلوغ لسماع الدعوى وبما ذكرنا يظهر لك الوجه في قبول قول المدعي لكل ما لا يعلم إلا من قبله كدعوى البراءة مما يتعلق بالحيض والطهر كالعدة وغير ذلك مما يتعذر الاطلاع عليه، ولكل ما يوجب الشبهة الدارئة للحد احتياطا في الدماء.
ومنها: دعوى من عليه الحق الاعسار حيث لا تكون الدعوى مالية ولا مسبوقة باليسار، فإن المشهور كما قيل على قبول قوله بيمينه بلا بينة، مع أنه مدع لما يوجب سقوط المطالبة من العسر المفسر بالضيق والشدة في مقابل اليسر المفسر بالسعة، وهما ضدان وجوديان لا ينتقضان فلا يثبت بالأصل حتى يكون مدعيه منكرا في الحقيقة لموافقة قوله له، بل هو مدع لمخالفة قوله إياه، وحيث علق الانظار عليه في الآية الشريفة (1) كان شرطا في وجوبه. فلا بد من إحرازه لتوقف الحكم به على تحققه لكونه شرطا لما علق عليه من الانظار، مضافا إلى ما ورد في الأخبار:
" من أن عليا (ع) كان يحبس على الدين ثم يفتش عن ماله فإن وجد وإلا أطلقه وأنظره إلى الميسرة " (2) ولولا جواز المطالبة بالحق عند الشك في الاعسار لم يكن للحبس وجه قبل التبين (لا يقال): مقتضى المفهوم