بمرور الليالي والأيام، سيما نحو العام، فضلا عن الأعوام، لطرو الاحتمالات المنبعثة عن عروض العوارض وتطرق الحوادث فلا مندوحة إلا الاستناد إلى الاستصحاب عند أداء ما تحمله من الشهادة. وبالجملة: فالروايات كما تراها صريحة في جواز الشهادة مستندا في بقاء المعلوم عند التحمل إلى الاستصحاب وحملها على صورة بقاء العلم القطعي إلى حين الأداء كما في الجواهر (مع) كونه حملا على الفرض النادر، بل الاندر تأباه صراحة منطوقها.
وبما ذكرنا يظهر لك: أنه لو كان الحاكم شاهدا جاز له الشهادة بالملك، ولم يجز له الحكم به، ولو قلنا بجواز القضاء بعلمه، لأن تنزيل الظن الاستصحابي منزلة العلم بالبقاء في الشهادة لدليل دل عليه بالخصوص لا يوجب تنزيله منزلة العلم في القضاء به، بل ولو ضم إليه شاهد واحد أيضا، للزوم تركيب ميزان القضاء حينئذ. نعم لو علم به من دون استناد إلى الاستصحاب، ومنعنا عن القضاء بعلمه واستثنى منه ما لو ضم إليه شاهد واحد بلا خلاف كما في (وسائل البغدادي) لأن علمه لا يقصر عن شهادة الشاهد، فيكون من القضاء بالعلم على القول بالمنع عنه، لا من القضاء بالبينة فافهم.
هذا، ولكن يجوز له الحكم بالدين على من هو عليه لو علم به في السابق، كما يجوز الحكم به لو شهدت البينة كذلك لثبوت الاشتغال المستصحب إلى أن يتحقق الوفاء، لعدم وجود ما يعارضه مما يكون مفاده الوفاء، فاتضح الفرق بين ما لو ادعى دينا على أحد ومالا في يد أحد، فيكتفي في الأول بالبينة وإن شهدت به في السابق، ولا يكتفي بها في الثاني، لوجود ما يكون مفاده الملك الفعلي المقدم على الاستصحاب، بخلاف الأول، والله العالم بحقائق أحكامه.
الثالث: معارضتها مع الاستفاضة التي تثبت بها أمور خاصة، منها: