فضلا عن الشهادة بمفادها لو سلم كونها ميزانا، كما لا يصير شاهدا بمفاد البينة، مع أنها ميزان القضاء. وتفصيل الكلام في اعتبارها، ومقدار ما يثبت بها، وما هو شرط فيها موكول إلى محله. وإنما الكلام هنا في تقدمها على اليد، أو تقدم اليد عليها. وقد عرفت ما هو الأقوى منهما والله العالم.
(تذييل) اشتهر بين الفقهاء: إن من ادعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به وذكروها بنحو القاعدة الكلية، وأرسلوها إرسال المسلمات، والمعروف عندهم أيضا قاعدة أخرى، وهي إن من ادعى أمرا ولا معارض له قيل قوله. وهي أعم من الأولى، لاشتمالها على ما لا يدخل من الأمور تحت اليد، واختصاص الأولى بما لا يد عليه مع كونه قابلا للدخول تحت اليد مع اختصاصها أيضا فيما لا يكون له منازع فيما يدعيه، وإلا لكان من التداعي. فلا يقبل قول كل منهما إلا بالحجة، ولذا قيده به توضيحا (في القواعد) حيث قال: " وكل من ادعى ما لا يد لأحد عليه ولا منازع له فيه قضي له به " انتهى.
هذا وليعلم أولا أن اليد المنفية في القاعدة الأولى تعم يد المدعي وغيره. وإن نفى ملكية العين عن نفسه وأثبتها لمالك مجهول فإنه لا يسلمه إلى مدعيه بمجرد دعواه إلا بإقامة الحجة وإن احتمل كونه مالكا له ولذا صرحوا في اللقطة بعدم تسليم الملتقط إباها لمن يدعيها بمجرد دعواه إلا أن تكون مقرونة بحجة أو محفوظة بقرائن تفيد العلم العادي بصدقه لأنه المكلف بايصالها إلى مالكها، فهو معارض لمن يدعيها بحسب الوظيفة ولذا يكون خارجا عن القاعدتين. كما يخرج عنهما لو كان المدعى به تحت