والمراد بالأصل: هو القاعدة الشرعية المعمول بها في الواقعة المخصوصة سواء كان من الأصول الأولية العملية كأصالة البراءة وأصالة العدم واستصحابه، أم الثانية كأصالة الصحة ونحوها، أو الظواهر المعتبرة كقاعدة اليد ونحوها، فالمدار في كل خصومة على ما هو مقتضى الأصل المعمول به فيها، فمن يكون قوله مخالفا كان مدعيا.
وبعد تبين معنى الأصل الموجب لصدق المدعي على من كان قوله مخالفا له، ظهر لك عدم ورود ما قيل عليه كما في الجواهر من إجمال التعريف به: " لأنه إن كان المراد مخالفة مقتضى كل أصل بالنسبة إلى تلك الدعوى، فلا ريب في بطلانه ضرورة أعمية المدعى من المخالفة للأصل، فإن كثيرا من أفراده موافقة لأصل العدم وغيره، ولكنها مخالفة لأصل الصحة ونحوه، وإن أريد مخالفة أصل في الجملة، فلا تمييز فيه عن المنكر الذي قد يخالف أصلا من الأصول " (1) انتهى.
ضرورة أنه لا مسرح ولا مجرى للأصل الأولى بعد حكومة الأصل الثانوي عليه حتى تكون مخالفته مناطا في الصدق، فلو تنازعا في صحة المعاملة وفسادها كان من يدعي الفساد مدعيا لمخالفة قوله الأصل المعمول به في الخصومة وهو أصالة الصحة، ومن يزعم الصحة منكرا لموافقة قوله له وإن كان مخالفا للأصل الأولى وهو عدم الانتقال والتملك لعدم العبرة به