بلغة الفقيه - السيد محمد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
على استفادته من الأدلة المتقدمة (فهي) على عهدة من استفاد منها قاعدة كلية يرجع إليها عند الشك، ولم يتحقق عندنا من الأدلة ما يوجب ثبوتها بنحو الكلية حتى يكون مرجعا عند الشك في مورد خاص. نعم، الظاهر من تلك الأدلة حسبما ذكرنا وجوب الرجوع إليهم في كل ما يكون من المصالح العامة الذي يرجع فيه كل قوم إلى رئيسهم ضبطا للسياسة، واتقانا للنظام، كما صرح به خبر العلل وغيره.
هذا: وإذ قد عرفت ما ذكرناه مقدمة، وتبصرت فيما عرفناك في ولاية النبي صلى الله عليه وآله، والإمام عليه السلام، فلنراجع إلى ما هو المهم في المقام: من ولاية غير الإمام من أقسام الولايات، فنقول:
ها هنا مباحث:
(المبحث الأول) في ولاية الحاكم، أعني (الفقيه) في زمن الغيبة. وهذا القسم هو الأهم في التعرض من سائر أقسامها لما يبتني عليه كثير من الأحكام المتفرقة في أبواب الفقه.
والكلام فيه: تارة في ثبوتها له، وأخرى في القدر الثابت منها، وثالثة في المولى عليه وموارد الولاية.
أما ثبوتها للفقيه، ولو في الجملة، فمما لا كلام فيه بعد الاجماع عليه بقسميه، وورود النصوص المعتبرة في القضاء وما يعمه، والحوادث الواقعة وإنما الكلام في القدر الثابت منها له، فالذي يظهر من بعض ثبوت الولاية للفقيه بمعنييها (1) على وجه له الاستقلالية في التصرف، فضلا

(١) أي الخاصة والعامة. ولعل المقصود بالبعض هو المحقق الكركي صاحب (جامع المقاصد) ومن تبعه، فقد استدلوا على سعة أفق الولاية للفقيه في زمن الغيبة بالأدلة الأربعة، فالعقل المستقل بضرورة نصب الإمام الحق حفظا للنظام الديني والدنيوي هو نفسه يستقل بضرورة استمرارية الرعاية والنظام في زمن الغيبة على أيدي وكلاء الإمام وفقهاء الشريعة لاضطلاعهم بها أكثر من غيرهم، واستدلوا بالاجماع بقسميه على ذلك أيضا فعن (جامع المقاصد) في هذا الباب: " اتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية، نائب من قبل أئمة الهدى عليهم السلام: في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل. وربما استثنى بعض الأصحاب القتل والحدود " وهكذا استدلوا على سعة أفق الولاية للفقيه بظاهر اطلاقات الآيات الشاملة بمقتضى عموم الخطاب فيها لكل زمان للفقيه أيضا، مثل قوله تعالى: " واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وقوله تعالى:
" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".
واستدلوا أخيرا على ذلك بطوائف كثيرة من النصوص الواردة عن أهل البيت عليهم السلام: أشار إلى جملة منها سيدنا المصنف (قده)
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست