الأقوى هو الأول، لعموم ما دل على حجية البينة، وخصوص.
ما ورد مستفيضا في ترجيح إحدى البينتين المتعارضتين بأحد وجوه المرجحات الآتية في صورة ما لو كانت العين في يد أحدهما، ضرورة أن الترجيح فرع حجية كل واحدة منهما، إذ لا تعارض بين الحجة وغير الحجة، مضافا إلى ما ورد في (حديث فدك): من انكار علي أمير المؤمنين (ع) على الأول، حيث ابتدأ بطلب البينة من ذي اليد، وكان حق الطلب أن يبتدئ بسؤالها من المدعي وهو المسلمون (1) ولو كانت البينة من ذي اليد غير مقبولة ولا مسموعة، لكان الانكار عليه بعدم القبول وعدم الحجية أولى من الانكار بابتداء الطلب منه، وهو واضح، بل الظاهر كون ذلك من المسلمات عندهم، حيث اختلفوا في تقديم بينة الخارج على على بينة الداخل أو بالعكس مطلقا، أو على التفاصيل الآتية: من الاطلاق والتقييد، وذكر السبب وعدمه، وما يمكن فيه التكرر وما لا يمكن، المعلوم ابتناء ذلك كله على حجية بينة المنكر من دون نكير عليهم، وليس ذلك إلا لكون بينة المنكر معتبرة أيضا، فيكون مخيرا بين اليمين وإقامة البينة إن أراد دفع كلفة اليمين عن نفسه، بل عن بعض: جواز إقامة البينة عند الحاكم تسجيلا لثبوت حقه خوفا من تعذر إقامتها لو ظهر مدع عليه.
(لا يقال): إن مرتبة المنكر لإقامة حجته متأخرة عن مرتبة المدعي لإقامة حجته، بل مشروطة بعدم الحجة للمدعي، ولذا لا يمين على المنكر بعد إقامة المدعي بينته، فكيف يكون المنكر مخيرا في حجته بين البينة واليمين؟
(لأنا نقول) مع أنه اجتهاد في مقابل النص الوارد في تعارض البينتين مع كون العين في يد أحدهما، يدفعه أن المنكر حيث لا بينة للمدعي مخير