وإن أبيت إلا كونه معاوضة، فالمعوض نفس التسليط الحاصل بالعقد لطرو الانفساخ في الأثناء غير أنه لو كان من قبلها كان ذلك منها رفعا " لتسليطها ورجوعها عن فعلها عرفا "، وليس كذلك لو لم يكن من قبلها.
نعم لو كان عوضا " عن السلطنة الحاصلة بالتسليط أمكن دعوى الرجوع به مطلقا "، لاستلزام بطلان المعوض بطلان العوض.
وبعبارة أخرى: المهر بعد تسليمه يكون عوضا " عن التسليط الذي هو فعلها، ولذا كان الايجاب منها، وبعد تحققه بالعقد وفرض صحته فالاستدامة لأثره، وهو التسلط والسلطنة، وبطلان الاستدامة بالفسخ الطارئ لا من قبلها يشبه تلف المعوض بعد التسليم، ولا كذلك لو كان من قبلها، فإنه رجوع منها عرفا " عما فعلته، وابطال لما بذلته، فلا تستحق المهر حينئذ، ولذا تراهم فصلوا في سقوط المهر وعدمه: بين كون الفسخ من قبلها، وعدمه مع كون بطلان استدامة العقد المستلزم لرجوع كل من المعوضين إلى صاحبه بمرأى منهم ومنظر. فافهم.
الثالث: لو كانت له زوجة كبيرة فأرضعت له زوجتين صغيرتين حرمن عليه أجمع، إن كان الرضاع بلبنه وكذا إن لم يكن، ولكن كان قد دخل بالكبيرة، لصيرورة الكبيرة بذلك أم زوجته، والصغيرتين بنتيه على الأول وبنتي منكوحته على الثاني مطلقا "، من غير فرق بين ما لو ارتضعتا دفعة أو على التعاقب، لأن الثانية حينئذ أيضا "، ربيبته التي قد دخل بأمها. وإن لم يكن قد دخل بها وكان اللبن من غيره حرمت الكبيرة مؤبدا "، لكونها أم زوجته، وانفسخ نكاح الصغيرتين، وإن ارتضعتا دفعة لعدم اجتماع نكاح الأم وبنتها في وقت، وجاز تجدد العقد على كل منهما لأنهما ربيبتان لم يدخل بأمهما، وإن كان على التعاقب حرمت الكبيرة وانفسخ نكاح الأولى دون الثانية، لأنها صارت ربيبة بعد انفساخ زوجته