فكان مالك بن أنس في طليعة أهل الحديث وأنصاره ومنهم سفيان الثوري وأصحابه. وزعيم أهل الرأي هو أبو حنيفة وأصحابه وكثير من فقهاء العراق.
فالشافعي أخذ عن مالك وأصحابه، وأحمد بن حنبل المتوفى سنة 241 ه - 820 م أخذ عن الشافعي المتوفى في سنة 204 ه وأصحابه.
وإنما سموا أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص ولا يرجعون إلى القياس، وتبعهم أصحاب الشافعي، وهم: إسماعيل بن يحيى المزني والربيع بن سليمان الجيزي وحرملة بن يحيى وأبو يعقوب البويطي وابن الصباغ وابن عبد الحكم المصري وأبو ثور، وغيرهم.
وأما أصحاب الرأي، فهم: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وأصحابه: محمد ابن الحسن الشيباني وأبو يوسف القاضي وزفر بن الهذيل والحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو مطيع البلخي وبشر المريسي، فهؤلاء عرفوا بأهل الرأي، وقالوا:
إن الشريعة معقول المعنى ولها أصولها يرجع إليها.
وبهذا افترقت الأمة إلى فرقتين: أهل حديث وأهل رأي، وأهل المدينة وأهل الكوفة، مع العلم إن أهل الكوفة لا يقاسون بأهل المدينة في الحديث، فكان القياس عندهم أكثر وعليه يبنون غالب فتاواهم.
هذه الخطوط العريضة للتنازع المذهبي، وقد لعبت السياسة الزمنية دورها في تغذيته وتنشيطه.