(ذو النفس الزكية) وفي رقبة السفاح والمنصور بيعته، فكيف يستقلان بالأمر وينقضان تلك البيعة؟
ولكن السفاح استطاع بمهارته استجلاب قلوب الموالي إليه بأساليب الرغبة والرهبة، وتثبيت قواعد ملكه على أيدي الفرس عامة والخراسانيين خاصة، لأنه ما كان يأمن وثبة العرب لجانب العلويين، فهم في نظر عامة العرب والعباسيين أنصار بني علي لا أنصار بني العباس، كما كانت سياستهم في بدء الدعوة قتل كل من يتكلم بالعربية في بلاد فارس.
ومضى السفاح وجاء المنصور الدوانيقي للحكم، وهو ذلك الرجل الحديدي الذي يقتحم مواقع الخطر ولا يتهيب من إراقة الدماء، ولا يقف أمامه حاجز ولا يردعه وازع ديني في سبيل تركيز دعائم ملكه. ففتك بأهل البيت ومن عارض حكمه من العباسيين أنفسهم، وأبعد علماء المدينة، ونصر الموالي، وأوجد تلك المعركة القوية لفك وحدة المسلمين، وهي معركة أهل الحديث وأهل الرأي.
فقرب فقهاء العراق القائلين بالقياس، وأحاطهم بعنايته ليحول أنظار الناس إليهم، والناس على دين ملوكهم، وبذلك تقل قيمة علماء أهل المدينة الذين هم أهل الفتيا إلى حد كبير.
وفي العهد العباسي نشطت الحركة العلمية، وكان طبيعيا أن تنتعش العلوم في ظل سلطانهم، لأنهم كانوا يدعون حقهم في الإمامة، وأنهم سلالة النبي، ليمسكوا المبادرة بأيديهم ويحاربوا سواهم.
وعلى رغم ذلك فقد نهض أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وبقية العلماء لنشر العلم، إذ وجد المسلمون كافة حرية الرأي، والتف معظمهم حول أهل البيت لانتهال العلوم من موردهم العذب، وكان الإمام الصادق (عليه السلام) هو الشخصية التي يتطلع