إليها الناس يوم طلع فجر النهضة العلمية، فحملوا عنه إلى سائر الأقطار، وقصده طلاب العلم من الأنحاء القاصية، فضلا عن الدانية، وفتحت مدرسته بتلك الفترة في المدينة المنورة وفي الكوفة، فكان المنتمون إليها ما يربو على الأربعة آلاف طالب وتلميذ كما أسلفنا.
وهذا النشاط العلمي لا يروق للدولة العباسية الفتية التي قامت على أنقاض الدولة الأموية، واستولت على الحكم بدون حق شرعي، وإنما أصبح في صالح العلويين.
وانتهز العباسيون النشاط العلمي بنطاقه الواسع، وأخذوا يشجعون الفرق والمذاهب، فكان في كل بلد إمام له مذهب ينسب إليه، وكثر عدد المذاهب، إلا أنه لم يكتب البقاء لأكثرها واعتراها الانقراض، وكان لمؤسسيها الذين كثر أتباعهم تأريخ مجيد ومكانة سامية، ربما فاقوا في نظر معاصريهم وذوي العلم منهم رؤساء المذاهب الذين وقفت قافلة الفقه عندهم، واقتصر استنباط الأحكام عليهم، ولكن السياسة الزمنية وعوامل انتشار مذاهبهم عجزت عن مسايرة الظروف فلم يكتب لها البقاء، ومحيت من صفحة الوجود، ولم يبق لأبناء السنة منها إلا الأربعة من المذاهب: المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي.
أما المذاهب التي انقرضت فهي كثيرة، نذكر منها:
1 - مذهب عمر بن عبد العزيز المتوفى 101 ه - 720 م.
2 - مذهب الشعبي المتوفى 105 ه - 723 م.
3 - مذهب حسن البصري المتوفى 110 ه.
4 - مذهب الأعمش المتوفى 148 ه - 764 م.
5 - مذهب الأوزاعي المتوفى 157 ه - 772 م.