إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدثنا الحسن بن أبي مالك، عن أبي يوسف، قال: أول من قال: القرآن مخلوق، أبو حنيفة، يريد بالكوفة.
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا عمر بن حماد بن أبي حنيفة، قال: سمعت أبي يقول، سمعت أبا حنيفة يقول: القرآن مخلوق، قال: فكتب إليه ابن أبي ليلى: إما أن ترجع وإلا لأفعلن بك.
فقال: قد رجعت، فلما رجع إلى بيته قلت: يا أبي أليس هذا رأيك؟ قال: نعم يا بني، وهو اليوم أيضا رأيي ولكن أعيتهم التقية.
واتسع الخلاف بين المسلمين، من تكفير بعضهم للبعض، فطائفة تقول:
إن من قال: القرآن غير مخلوق فهو كافر، وعليه ابن أبي داود وجماعته.
وطائفة تقول في تكفير من يقول بخلق القرآن، وعليه أحمد بن حنبل، ويقول أبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي المتوفى سنة 255 ه: من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، وبانت منه امرأته، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
حتى إن الواثق استفك من الروم أربعة آلاف من الأسارى، ولكنه اشترط أن من قال: القرآن مخلوق يخلى من أسره ويعطى دينارين (1)، ومن امتنع عن ذلك فيترك في الأسر ولا يفك، بمعنى أنه رتب آثار الكفر على من لم يقل بخلق القرآن.
ولما قدم أحمد بن نصر إليه قال له الواثق: ما تقول في القرآن؟ وكان أحمد ممن يذهب إلى أن القرآن غير مخلوق، فقال: كلام الله، وأصر على رأيه غير متلعثم، فقال بعض الحاضرين: هو حلال الدم، وقال ابن أبي داود: هو شيخ