الرضا (عليه السلام) فقال له: يا عم لا تكذب أباك وأخاك، فإن هذا الأمر لا يتم، ثم لم يلبث قليلا حتى خرج لقتاله عيسى الجلودي فلقيه فهزمه، ثم استأمن إليه، فلبس السواد (1) وصعد المنبر فخلع نفسه وقال: إن هذا الأمر للمأمون وليس لي فيه حق (2).
ولما أراد الموافقة مع جيش الجلودي أرسل الرضا إليه مولاه مسافرا وقال له: قل له لا تخرج غدا فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك، وإن قال لك من أين علمت غدا فقل رأيت في النوم، فلما أتاه ونهاه عن الخروج وسأله عن سبب علمه بذاك وقال له رأيت في النوم، قال محمد: نام العبد فلم يغسل استه، فكان الأمر كما أعلمه به مسافر عن الإمام (3).
ولما خلع نفسه وتخلى عن الأمر أنفذه الجلودي إلى المأمون، ولما وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه، ووصله وأحسن جائزته، فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب من بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته.
وأنكر المأمون يوما ركوبه إليه في جماعة من الطالبيين، الذين خرجوا على المأمون في سنة 200 فأمنهم، فخرج التوقيع إليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر واركبوا مع عبد الله بن الحسين، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم، فخرج التوقيع: